نقل راوٍ واقعةً على منصات التواصل الاجتماعي - والعهدة على الراوي في العصر الرقمي- أن شاباً تعلق بفتاة «فاشنيستا» ونجح في التراسل معها، وتطور الأمر ليتقدم لخطبتها والزواج منها. إلى هنا والأمر يبدو عادياً، ولكن ما كان ليس عادياً المتطلبات التي وضعت أمامه وصدمته، وقد كانت غير مادية ولم تكن لتؤرقه؛ كونه يتحدر من أسرة ميسورة وذات سعة.
كانت المتطلبات أن يضع في اعتباره أن عروس المستقبل لديها شرط بعدم الإنجاب لمدة خمس سنوات حتى يتم «التعارف والتوافق» التام بين الطرفين، كما أن لديها شلة من الصديقات اعتادت على الخروج معهن إلى «الكوفي شوب» يومياً والسفر معهن بمفردهن، كلما سنحت الفرصة. وبالتالي على زوج المستقبل مراعاة ذلك. كما أنها لا تجيد الطبخ ولا تحبذ إقامة الولائم واستقبال الضيوف في المنزل من أجل راحتها وعدم تبديد وقتها؛ كونها تستغرق وقتاً طويلاً لأجل متابعيها.
المهم، أن أي عريس «حمش» ذي نخوة، لا يمكن أن يقبل بمثل هذا الوضع ويؤثر أن ينفذ بجلده، وكما ذكرت فإن العهدة على الراوي، إلا أن الأمر أبعد من ذلك بكثير، ونحن نصطدم وبصورة شبه يومية بقصص عالم «الفاشنيستا»، الإناث منهن أو الرجال، ولما يروجون له من ممارسات تنال من الصورة التي تعرفها مجتمعاتنا عن مؤسسة ورابطة الزواج المقدس والقيم التي تربت عليها في تعظيم الحياة الزوجية وأساسها السكنى والمودة والرحمة، وبناء عائلة صالحة يكون فيها الأب والأم والأبناء دعائم للبيت السعيد الذي يرفد المجتمع بمواطنين صالحين يفيدون مجتمعاتهم وأوطانهم.
مثل هذه الواقعة، رغم أنها محدودة، وتناولها سواء من باب العظة أو التندر، إلا أنها لا تختلف في جوهرها عن ذلك الشرخ الكبير الذي أحدثته أعمال فنية من قبيل مسرحية «مدرسة المشاغبين» في صورة المعلم مربي الأجيال، وبأنه مجرد شخص لا حيلة له أمام قوة أبناء الأثرياء، وغيرها من الأعمال الفنية، ولو كانت - كما يقول أصحابها - تجيء من باب الكوميديا والإضحاك والترفيه والتسلية.
هناك صور وقيم لا يجوز التلاعب بها أو هزّ المفاهيم المتعلقة بها، وفي مقدمتها كل أمر يتعلق بالأسرة والحياة الزوجية، ولا زلنا نتذكر الموقف الحاسم والحازم والرادع لوزارة الإعلام في الكويت الشقيقة مع مسلسل «زوجة واحدة لا تكفي»، فقيم المجتمع وأخلاقه خط أحمر غير قابل للتجاوز والإساءة، ولبعض المخدوعين بعالم «الفاشنيستا» نقول: «ليس كل ما يلمع ذهباً».