في الدقيقة الخامسة من الوقت المحتسب بدل الضائع، كان الصحفي الإنجليزي جوناثان ليوات، في ملعب شالكه، يتابع مباراة إنجلترا وسلوفاكيا، وكتب في سياق مقالته عن المباراة التي سيرسلها إلى الجريدة:
«كتبت عن خروج المنتخب من البطولة، وقلت إنه أعظم يوم في تاريخ كرة القدم السلوفاكية، وفجأة تغير كل شيء، سجل بيلينجهام هدف التعادل بلعبة بديعة، ثم أضاف هاري كين الهدف الثاني في الوقت الإضافي».
كنت أنا أيضاً قد دونت في ملاحظاتي أثناء متابعة المباراة، أن منتخب إنجلترا ودع البطولة؛ لأنه ما زال يلعب كرة قدم قديمة وبطيئة ومملة، وفجأة عاد بيلينجهام بالفريق للبطولة، وفى الدقيقة الخامسة من الوقت المحتسب بدل الضائع أيضاً كان 6500 مشجع للمنتخب الإنجليزي في ملعب شالكه، يهتفون ضد الفريق وضد ساوثجيت وضد بيلينجهام وضد هاري كين، وضد كل اللاعبين، وفجأة في الدقيقة السادسة تحول الهجوم إلى هتافات السعادة والفرحة بالإنجاز الإنجليزي!
هل تصدقون، أن ساوثجيت كان بصدد استبدال بيلينجهام وهاري كين؟ نعم هو اعترف بذلك بعد المباراة، وهو بالفعل لا يدرك مدرب أن اللاعب المبدع يمكن أن يكون صاحب طوق النجاة للفريق وهو يغرق، فقد سجل بيلينجهام هدفاً، وصفه هاري كين بأنه واحد من أعظم الأهداف في تاريخ البلاد.
كان منتخب إنجلترا على مسافة ثوانٍ من هزيمة مخجلة، كان الفريق مروعاً في مستواه. يتبادل الكرة ببطء، ولاعبوه يتحركون بصعوبة، والفريق يبدو أقل عدداً من لاعبي سلوفاكيا، والمساحات محدودة أمام لاعبيه، فهم لا يتحركون سريعاً لصناعة المساحات، ومن يملك الكرة لا يجد أمامه خيارات تمرير متاحة، وهناك على الخط يقف ساوثجيت يبدو رجلاً عابساً بائساً صامتاً لا يرى الأخطاء ولا يدرك ماذا يفعل؟
نعم في كرة القدم دراما، لقد فازت إيطاليا بكأس العالم عام 1982، والبرتغال ببطولة أوروبا عام 2016 بعد تعادلهما في جميع المباريات الثلاث في المجموعة الأولى، وبدأت إسبانيا في 2010، والأرجنتين في 2022 مشوارهما بالفوز بكأس العالم بالهزيمة، وفي مطلع هذا العام، خسرت كوت ديفوار مباريات المجموعة 1- صفر أمام نيجيريا و4- صفر أمام غينيا الاستوائية، في كأس الأمم الأفريقية، وتأهلت إلى دور الستة عشر، فقط لأن غانا تلقت هدفين في الوقت المحتسب بدل الضائع أمام موزمبيق، واستمرت كوت ديفوار، ثم فازت بالكأس في النهاية.
هل يمكن أن تفعل إنجلترا السيناريو نفسه، أشك، فسوف تكون المباراة القادمة أمام منتخب سويسرا الذي يتمتع بحيوية وسرعات وضغط عالٍ يمارسه بمنتهى القوة والتنظيم، ويتحول دفاعاً وهجوماً؟
المحللون أمسكوا في عدم اختيار جيريليش، وراشفورد، وهما لاعبان مميزان قطعاً، لكن مشكلة منتخب إنجلترا ليست لاعباً أو لاعبين، وإنما هي أزمة فريق يفتقد الأسلوب والتكتيك والسرعات والخطط والابتكار الفردى والجماعي، والقيادة.
هذا فريق يضم نجوم «البريميرليج» والكرة الأوروبية، لكنك تشعر بأن كلاً منهم ينزل الملعب، وفي يده كتاب «كيف تلعب كرة القدم»، وهو مشغول بقراءة فصول الكتاب أثناء اللعب!
** في الدقيقة 95 في مباراة سلوفاكيا، انقلبت وجهات نظر الجمهور الإنجليزي في فريقه، وهذا مفهوم، لأن المشجع سريع التحول والاشتعال، لكن كيف يكون ذلك هو نفسه ما أصاب بعض النقاد وبعض المحللين؟!