يتوهج الإنسان في لحظة ما، ويصبح عالمه الداخلي مسرحاً يعكس تمازج التجربة الذاتية والوعي التاريخي والمعرفة الثقافية والتوق للإبداع، والحلم البديل، حيث يأخذ صوت كل منها يعلو موقّعاً لحنه الخاص، لكنه يتلاحم في وحدة عضوية شاملة ويصبح الإبداع عملاً فنياً يشبه (البانوراما) التي ترصد الإنسان عمقاً، وشمولاً ويهمس: صوتك لا يجيء، يغسلني بالدفء، يمسح جرحي وجهك البريء.. ضمنا معاً صدر الأرض، تجذرنا وتوسلت أذرعنا للسماء ولم يسقط المطر، صوتك واعدني، أعطاني وردة للحب وسلماً للنور والارتقاء، وهذي الشمس دربي، لكن صوتك واعدني ولم يأت، فهل أغني؟، وهل عيناك سفينتي أو مدنٌ تومئ بالرحيل؟ وحين أسكنها تلفني بيادر الذهول، يشربني الفرح.. عيناك لي سحابة تزخُّني بموعد الفصول أنام فيهما، قد كنت طفلة مشردة تنام في أسرة الرياح، طفولة تهجع في نافذتي حنان، نهران يعبران عالمي، أرحل فيهما ولا أصل، حين لوّحتْ يداك لي ببشائر عليهما علامة تنبئني بموعد الأفراح والسعادة. 
حبك لي وهج يقرؤني من فجوة روحي، فرحٌ لا يأتي، ينسى موعده في شرفة يأسي، أسلخ أيامي قرناً قرناً والفرح الطاغي لا يأتي، هل أصنع من حبك لي مدناً؟ هل أصنع من وهجك لي سفناً؟ فلماذا تعطيني وعداً يتوكأ بالحب ولا تعطيني فرحي؟!، كنت نطفة في كيمياء الخليقة، حين ناداني صوتك الجميل صرت طفلة منحتني أمي وجهها الآدمي، حين جاء الخروج صعدت صرختي فالتقطتها وابتدأنا الرحيل في وهج الضياء ونهضت قامتي وابتدأت الغناء: اسقطي يا رياح ثمراً أو حقولاً، هذا ورد زهى في مدار الفصول، اسقطي يا رياح غيمة واعدة في الصحارى، واعصفي في حنايا السكون، هذا وقت بطيء، واكتبي في زوايا البحار، جسدي صارية. 
سأخيط الشراع بيْرقاً للرحيل! ليت لي حلم يشفي روحي الظمأى من وشم القروح، ليته صيرني وتراً يغني لأحلام الشعوب، ها أنا أنصت وأسمع في الغيب البعيد أملاً ينبثق الآن يعيد وجه طفل سديمي الملامح حين سأل أمه ماذا هو قالت له أنت إنسان، وحين تلفت يبحث عن نوعه لم ير سوى الأطراف!، قال لم أر.. قالت له ارفع عينيك إلى السماء وارسم خطاك إلى طريق السلام، وهكذا هيا خذوا أطفالكم وارفدوا قطرة الدم البريئة، وامنحوهم فتنة الحب، وعصا ساحرة تجتث رعب الخوف من كل السنين الموحلة.. واهتفوا: هذه قافلة الحب تبدأ بالمسير..!.