هل للضباب ذاكرة؟ هل له فائدة؟ في المدن والطرقات الطويلة يحضر الضباب ليثير التوجس والخوف من الطريق والسير فيه، بأمان وسلام، كذلك في البحر والنهر، الضباب يداهمك فجاءة في المساءات وخاصة في بعض الفصول، ويتحول الليل والصباح إلى مساحة من العتمة وصعوبة السير أو الإبحار في الماء، والضباب تأتي خطورته في الطرقات، وتأثيره بالتأكيد قوي وخطير، هو صانع الحوادث المؤلمة الكبيرة.. لا أحد يحب هذه الفترة، التي يكثر فيها الضباب ويزداد الحر والرطوبة، ولكن مع مواسم هذا الفصل تزدان الحياة بأشياء أخرى جميلة ورائعة، يأتي القيظ، زاهياً بهيجاً بثماره والفواكه والرطب، الذي يعشقه الإنسان الصحراوي، حيث تعطي أشجار النخيل ثمارها المتنوعة ويصبح الوقت والزمن أكثر جمالاً وروعة على الرغم من الحر الشديد. أما ضباب الشتاء فهو الفترة القصيرة التي تفصل بين الخريف، وشدة البرد والتحولات الجوية واشتداد الرياح، تبدو الحياة أجمل عندما ينجلي الضباب.. الضباب دائماً حالة مؤقتة يتجاوزها الإنسان بعد زمن قصير ويتخطى صعوبتها بالصبر والحكمة، تماماً مثل كل أحداث الحياة الضبابية التي تداهمك في مسيرة الحياة، الضباب بالتأكيد زائل بعد الصبر، وبعد حين. لذلك لا يجب التوقف عند كل شيء في الحياة ضبابي، إنه يأتي مثل طيف أو غيمة عابرة.. وحده صديقي الظفاري القديم والمرتحل ورفاقه كانوا يزدادون فرحاً كلما جاء الضباب هناك في الزمن البعيد، كان يقول: في الضباب يطيب ويحلو المسير بين أغصان الأشجار المتشابكة وشجيرات اللبان، حتى البوم الخاتل في الأغصان والكهوف لا يمكن أن يرى الخطوات التي تسير، سير الوعول... يقول، الضباب جميل، حبيب وصديق في المسير الطويل.
لا أحد يمتدح الضباب سواه! رحل من زمن بعيد وظل الضباب يأتي حاملاً الخطر، على مرتادي الطرقات والمبحرين في الماء/ البحر، يأتي ليؤكد أن الضباب حالة ووقت ومواسم خطر يجب أن نحتاط منها دائماً، كل شيء ضبابي يجب عدم الركون إليه.. بالأمس كنت أمد الخطى فرحاً بالممشى الجميل والمكسو باللون الأخضر على ساحل البحر في الجميرا.. خطان متوازيان بين شاطئ البحر وهذا الممشى الجميل الطويل. المساء تزداد فيه الحرارة والرطوبة، ويتجمع ماء الضباب على الممر البلاستيكي الأخضر، وعلى الرغم من روعة المكان وبديع صوت الأمواج على الشاطئ المحاذي، إلا أن الضباب يأتي متحالفاً مع الحر والرطوبة ليطردني من إكمال رياضة المشي اليومي، وكذلك يهرب الكثير من معتادي السير في المساءات الجميلة. 
حالة الضباب استثناء، اعتدنا عليها من قديم الأزمنة، تأتي في فصولها وزمنها ثم ترحل، ويظل الجمال كما صنعه الله والطبيعة، بحر جميل ورمل أبيض كاللؤلؤ.. هل للضباب فائدة؟ نعم هو تعويض عن المطر للأشجار والنباتات الصحراوية وكذلك لمواسم الصيد، حيث تكثر بعض الأسماك، في فصول الضباب وينشط البحارة وتزداد الثروة المائية. كل شيء جميل يحمل معه صوراً تتنوع بين الخير والجمال والفائدة، وأيضاً المخاطر التي يمكن تلافيها أو تجاوزها.