لم يحدث مطلقاً خلال 136 عاماً من الدوري الإنجليزي، أن فاز أي فريق بأربعة ألقاب متتالية، وقد فعلها مانشستر سيتي، وحقق البطولة الرابعة على التوالي والعاشرة منذ عام 2012. وقد وصفت الصحف الإنجليزية الفريق بأنه «قوي جداً»، واعتبرت أن قوة السيتي تسلب من «البريميرليج» درجة تنافسيته العالية.
وقد أقف للحظة، وأتذكر أن السباق على اللقب استمر بين مانشستر سيتي وأرسنال حتى اليوم الأخير، وأن دائرة القمة متسعة، وتضم السيتي وأرسنال وليفربول وأستون فيلا ثم توتنهام، وأن السباق لم يقتصر على لقب «البريميرليج»، ولكنه طال أيضاً المنافسة على البقاء في الممتاز، وعلى مقعد في دوري أبطال أوروبا، والدوري الأوروبي. وأضيف أهم نقطة، وهي أن سر قوة الدوري الإنجليزي، وسر شعبيته الجارفة عالمياً أن معظم مبارياته تشهد صراعاً على الفوز بغض النظر عن النتائج الأخيرة، وهذا الصراع عزز درجة التنافسية. قبل ذلك تُوج مانشستر سيتي باللقب بفارق نقطة عن ليفربول، واليوم بفارق نقطتين عن أرسنال، في عام 2022 احتاج السيتي للفوز على أستون فيلا في المباراة الأخيرة، وتأخر 2- صفر، وقبل 15 دقيقة من نهاية المباراة عاد وفاز 3-2. أكرر سؤالاً سبق أن طرحته عن مسألة التنافسية: أين كانت على أوراق الصحف الإنجليزية، عندما كان «اليونايتد» قوة وحيدة، في عهد أليكس فيرجسون؟
القضية ليست الفوز بالألقاب فقط، وإنما درجة القوة والمتعة التي يقدمها «السيتي»، ليتوج بها بلقب أفضل فريق في العالم اليوم، ويقوده أحسن مدرب في القرن الحادي والعشرين، فماذا تريد إدارة من فريقها أكثر من ذلك؟
بعد التتويج باللقب الرابع على التوالي، والسادس له منذ قيادته السيتي عام 2016، قال جوارديولا لشبكة سكاي سبورتس: «سأبدأ كلامي بالحديث عن أرسنال وليفربول أيضاً، وبشكل خاص أرسنال الذي دفعنا للارتقاء بمستوانا». لم يتوقع إنسان ذلك، لم يتوقع أحد فوزالسيتي بلقب الدوري 6 مرات في سبع سنوات، ولكني توقعت انتقال الفريق إلى منطقة جديدة تماماً بأفكار جوارديولا ودعم إدارة السيتي لتلك الأفكار، باختيار مدرب يضع الفريق على قمة الأندية العالمية بالمستوى الفني وطريقة وأسلوب اللعب، ليسبق ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ وليفربول. هناك مجموعة من نجوم السيتي لعب بهم جوارديولا، وكانوا من أهم مفاتيح نتائجه، والبداية بستة لاعبين، وهم: إيدرسون، كايل ووكر، جون ستونز، كيفن دي بروين، برناردو سيلفا وفيل فودين، ثم أضيف لهؤلاء رودري وهالاند، ومعهم فريق كامل من أصحاب المهارات الفريدة التي تناسب تطور اللعبة، وتسمح للفريق بصناعة مساحات في أضيق المساحات.
** عندما سجل قدوس هدف وستهام في الدقيقة 42، ألقى جوارديولا بزجاجة مياه أرضاً بعصبية شديدة، وبدا كأن الزجاجة تروي عطشه للفوز باللقب، نعم هو رجل لا يقبل بالأخطاء، أي أخطاء، وهو من هؤلاء الذين يلعبون من أجل النجاح، ومن أجل التاريخ، شكراً على الابتكار وعلى المتعة التي قدمها «السيتي بيب».