تقودني رحلاتي في أحايين كثيرة إلى عواصم ومدن تستضيف فعاليات وأنشطة كبيرة، وأحرص على زيارة تلك الأنشطة والفعاليات لأطَّلع على مشاركات الدولة فيها، وأقرأ في عيون المترددين عليها مقدار الإعجاب والرضا الذي يصل إلى درجة الانبهار حول ما تحقق في الإمارات على أيدي أبنائها من تقدم وتطور في هذا الميدان أو ذاك، وكلها مجالات وميادين لخير الإنسان ليس على أرض الإمارات فحسب، وإنما للإنسان في كل مكان. رصدت ذلك في مدن أميركية وأوروبية وآسيوية وأفريقية ومدن وعواصم عربية من معارض “أكسبو” وأخرى لمنتجات “صنع في الإمارات” ومعارض للسفر والسياحة وحتى ندوات ثقافية وأدبية ومعارض للكتب. ولا أبالغ إذا قلت إن بعض الأشياء والأمور اكتشف وجودها عندنا من تلك المشاركات الخارجية، ليقفز أمامي تساؤل حول المسؤول عن تقصير كهذا، هل هو منا أم من الموزعين أم من الإعلام؟ وأنتشي كثيراً بذلك الازدحام والإقبال على منتجات تحمل اسم الإمارات، وأنتشي أكثر بنظرات الدهشة والإعجاب تغمر زوار أجنحة الدولة، وهي التي تختزل مسيرة إنجازات دولة استطاعت أن تحقق ما يصل إلى المعجزة في أقل من أربعة عقود، وهي فترة زمنية بالكاد تذكر في عمر بناء الأمم والدول والأوطان، وما كان ذلك ليتحقق لولا إرادة الرجال وعزيمة الإصرار والإخلاص على تحقيق الريادة في ظل قيادة حكيمة أدركت مبكراً نجاعة النهج الذي اختطت لبناء هذا الصرح الكبير بقدرات أبنائه وحسن توظيف موارده. إلا أن ما يحز في نفسي من بعض المشاركات الخارجية هذا التشتت في الجهد والموارد الذي الحظ عندما أرى بعض الجهات في الدولة تصر على أن تمثل منفردة في هذا الملتقى أو المعرض، كما لو أنها جزيرة منعزلة عن المحيط الذي تنطلق منه، في الوقت الذي ترى فيه بقية المشاركين يعرضون أنشطتهم ومساهماتهم ضمن منصة واحدة. ألاحظ ذلك في معارض السفر والسياحة، حيث تجد كل جهة للترويج السياحي في منصة وحدها، بينما ترى بقية الأجنحة التابعة لهذه الجهة أو تلك ضمن جناح واحد يزيده التنوع ثراء وقوة. مثلاً ترى كل أقاليم ماليزيا أو مقاطعات ألمانيا وسويسرا تحت جناح واحد. ولعل أحدث صورة لما شهدته من مشاركات متفرقة كان خلال معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث كان يوجد جناح للإمارات يضم بعض المشاركين، على بعد أمتار منه يوجد جناح للإمارات أيضاً ولكن لكتب العرض، غير بعيد منه أيضاً كان هناك جناح للدائرة الثقافية في الشارقة، في الجهة المقابلة الأخرى كان يوجد جناح عن أكاديمية شرطة دبي، بينما كان الأوقع لو أن جميع هذه المشاركات جرت ضمن جناح كبير ضخم يحمل اسم إماراتنا الحبيبة. مما أثار حاجة كبيرة للتنسيق بين الجهات المعنية عندما يتعلق الأمر بالمشاركات الخارجية التي تحمل اسم الدولة، وحبذا لو أن جهة أنيط بها أمر تنسيق المشاركات الخارجية وتنظيم انخراط الدوائر والشركات ضمن الجناح الواحد الخاص بالدولة في هذا المعرض أو ذاك، ففي ذلك توحيد للطاقات والموارد طالما أن الهدف واحد، وهو تقديم الإمارات بما يليق بمكانتها وإنجازاتها الريادية.