تجتاح الشارع المصري عموماً، والشارع الرياضي على وجه الخصوص، ظاهرة في منتهى الخطورة، تتمثل في حمى «السوشيال ميديا»، حيث «اللايفات»، و«التيك توك»، وباتت تلك الحالة بمثابة «مهنة من لا مهنة له»، ولا عزاء لـ «أصحاب الشهادات»، وتتعلق تلك الظاهرة باللاعبين الذين غابت عنهم شمس النجومية، ولم يعد أمامهم سوى أحد طريقين، الأول والأسهل مخاطبة الجمهور عبر «السوشيال ميديا»، والتي باتت تدر أموالاً طائلة، لا سيما لو كان لآراء ذلك اللاعب صدى، والثاني استثمار استضافتهم في برامج «التوك شو» الرياضية.
ولكي يصبح اللاعب ضيفاً دائماً على تلك البرامج ما عليه، إلا اتباع سياسة «خالف تُعرف»، حيث السباحة ضد التيار، وضد المنطق، وضد احترام الآخر، وممارسة أسلوب «الاغتيال المعنوي» للآخر، أما لو كانت الآراء متزنة وموضوعية، فإن صاحبها لا يجد له محلاً من الإعراب، باعتباره شخصية غير مثيرة للجدل.
وكم من اللاعبين الذين انحسرت عنهم الأضواء باتوا الآن حديث الصباح والمساء بسبب آرائهم التي من شأنها إثارة المعارك الكلامية بين جماهير الفرق المختلفة.
ولا شك في أن تلك الحالة في أمس الحاجة إلى التقنين، حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه، ويكفي ما حدث من مأساة إنسانية في استاد بورسعيد، والتي راح ضحيتها 74 مشجعاً ذهبوا للاستمتاع بالمباراة، فعادوا إلى أهاليهم جثثاً هامدة، بسبب التشاحن والتناحر بين جماهير الناديين، بعد أن تحولت «السوشيال ميديا» إلى وسيلة للتناحر، بدلاً من كونها وسيلة للتواصل.
ويا خوفي من القادم!
×××
غادر دنيانا الكابتن الخلوق إيهاب جلال، المدير الفني للنادي الإسماعيلي، بعد معاناة مع المرض لم تمهله طويلاً، فانتقل إلى جوار ربه، نتيجة الضغوط الهائلة التي تعرّض لها، سواء مع النادي الإسماعيلي الذي أنقذه من الهبوط، أو مع منتخب مصر الذي تولى تدريبه لمدة شهرين فقط، وفوجئ بقرار إقالته، بينما كان على متن طائرة المنتخب العائدة من أديس أبابا، وتعرض في ذلك الوقت لحملة ضارية من وسائل الإعلام، بعد الخسارة من إثيوبيا، ولم ترحمه «السوشيال ميديا»، بعد أن افتقد الظهير الإعلامي والجماهيري الذي يمكن أن يدافع عنه لعدم انتمائه للأهلي أو الزمالك، فكانت الأزمة الصحية التي حرمت الكرة المصرية من أحد أكفأ مدربيها في السنوات الأخيرة، والغريب أن الذين كانوا ينتقدونه بالأمس يكيلون له الآن المديح، وكأنه كُتب علينا ألا نشعر بقيمة الأشياء الثمينة إلا بعد خسارتها!