عينٌ مُغْمِضة، عينٌ رقيبة
في خَبَرٍ علمي وبعد تدقيق باحثين من جامعة “موناش” الأسترالية، توصلوا إلى أن الفيل كان بحجم فأر، وقد تطلب الأمر 24 مليون جيل للوصول إلى هذا التحول الحالي، وبما أن التغير لا يقتصر على الازدياد فقط ولأسبابه البيولوجية الخاصة، فإن التغير تقلصاً ولأسبابه المختلفة أيضاً يتم بسرعة أكبر إذ لا يتطلب أكثر من 100 ألف جيل. ويذكرنا ذلك بالمعرفة السلوكية لقوى الجسم للصعود والهبوط، فصعود سلم أو جبل يحتاج إلى جهد أكبر من النزول، كما أن بناء شيء؛ عمارة أو فكرة أو حدث يمر بالمعنى نفسه، فلإقامة شيء ما تخطيط وصياغة وتدشين وعمل وإعلان بوصول وانتهاء، بينما الهدم سيد خلط وحرق المراحل.
في الخبر أيضاً أن حجم الحوت تغير مرتين أسرع من حجم الثدييات البرية بالقياس الجيلي نفسه لمراحل النمو، ما رجح كون المياه وسيطاً مساعداً على ذلك من البر ومكوناته، ويذكرنا ذلك بطبيعة الماء عند التعامل معه، استحماماً ومطراً وعوماً وشُرباً، بل ومشاهدةً سواء أكان بحراً أم نهراً أم حوضاً لسمك، هناك شيء آخر في الماء، وصرف النظر عن الجانب الروحي المكمل لهذا الشعور المريح للماء، ندرك سهولة حدوث ذلك عملياً لأن الماء يُشكل 70% من الأرض، محيطاتها وأنهارها وباطنها وحتى في الهواء الذي نتنشقه، وفيما نأكل، وإلى آخره مما نحتسبه مما حولنا في الحياة، بما في ذلك سوائل الجسم. يعكس هذا اختلاف وسائط الحياة، بين سهل وصعب، بين تكثيف مواجهة وتشييد أحلام، البر مواجهة أشد وأعقد، الماء أخف وأرحم، ولنقل إن عاملي الهواء والتراب المكونين للبر وطبائعه يؤكدان التطور السياسي للخداع مواجهةً وحماية، وبالتالي تحتد أعصاب العائش براً بما يكفل له موازنة وجوده، بينما العكس تماماً، إلا قليلاً في الماء. الماء رَحِم، والبر الخروج من الرحم.
التعادلية في مستويات تمشية الحياة لا تخضع إلى بناء وهدم من أجلهما لذاتهما، إنها كينونة سيرورة، فلا للشر هدف ولا للخير هدف سوى أن ما يتيح لهذا أن يكون هذا، وذلك أن يكون ذلك؛ هو انحيازات لأسباب أولى مُكَوِّنة، ومُكَوَّنة مما سبق وما يلحق، هكذا بإمكاننا فهم بدئي وبدائي للأميبا، الخلية الأبسط الأولى للمادة، هكذا بإمكاننا خلق قياس نمذجة لفهم أعقد المشاعر الإنسانية بمجرد ردها إلى عناصرها الأولى، ليُلَيِّن هذا لنا التعامل مع موقف متشابط الأطراف؛ داخلها وخارجها.
الجهاز العصبي للإنسان ذو خريطة تكاد تكون كونية، بينما الجهاز العصبي للوردة بسيط، وهنا يمكننا الفهم لماذا الوردة وردة، ولماذا الوظائف الأشف إنسانياً تُحال عليها، بينما الإنسان يصطرع ذاته ليل نهار، بسبب أو من دون. إنها طبيعة المكونات العناصرية، تشكيلاً وتاريخاً.
في خبر علمي وبعد تدقيق باحثين عن عاطفة بلا شائبة تُعكِّر صفو البحث باليد لمساً عما تحت اللون الوردي، هل يمكن لاغماضة عين أن تنجز ما لا بإمكان عين رقيبة أن تنجزه؟
eachpattern@hotmail.com