في الاجازة الصيفية تزدهر محال ألعاب الأطفال ازدهاراً كبيراً، فهؤلاء الصغار يودون قضاء وقتهم باستمتاع، بينما لا يساعد جو الصيف الحارق الآباء على اصطحاب صغارهم للحدائق العامة كانت أو حتى المنزلية، فترى الجميع يتوجهون إلى مجمعات الألعاب المكيفة لمنح صغارهم فرصة التسلية والمرح. الغريب أن معظم أصحاب هذه المجمعات يعتقدون أننا نعيش في الصين، حيث ولد واحد لكل عائلة تغدق عليه ميزانية مفتوحة يلعب ويمرح ويكسر ألعابه بها أيضا! فيفرضون رسوماً كبيرة على الألعاب يمكن فقط للوالدين المبهورين بطفلهم الوحيد دفعها. الحقيقة أننا عرب ولسنا صينين، لم نحدد النسل بعد، ولن نفعل مادمنا نعاني من نقص في عدد السكان، ولكل عائلة صغيرة منا ثلاثة أطفال فأكثر يستنزفون جيوبنا مع كل «دخلة» في مدن الألعاب تلك. ولا تختلف الأسعار كثيرا بين مدينة وأخرى، ولكل واحدة منها أسلوبها الغريب في « شفط» نقود الآباء باستخدام الصغار الراغبين في لعب الألعاب التي تكلف الواحدة منها حوالي عشرة دراهم للعبة على الأقل، والمحبط أن زمن هذه الألعاب لا يزيد عن ثلاث دقائق في أغلبها، وكلما زاد الوقت زاد سعر الاستمتاع بها. بحسبة بسيطة يمكن لخمس ألعاب يلعب بها طفل صغير خلال عشرون دقيقة أن تكلف حوالي خمسين درهما، وتزداد التكلفة لتصل إلى أكثر من 100 درهم إذا أراد الطفل أن يقضي ساعة كاملة في مدينة الألعاب. لو كان هذا الطفل هو الوحيد المدلل فلا بأس، لكن أن يكلفك ثلاثة أطفال حوالي 300 درهم خلال ساعة فقط، فهذا ما يسميه الشاميون « خربان بيوت». ابتكر أصحاب هذه التجارة أنواعا مختلفة لإستغلال الآباء، لعل أبرزها ما أسموه» الفيشة» وهي العملة التي تعمل بها الآلة، هذه العملة تباع بما قيمته درهم واحد في أغلب دول العالم، لكنها عندنا تباع بثلاثة دراهم فما فوق، وهذه «الفيشة» لا تعمل بها إلا الألعاب الفردية في محال الألعاب، حين تطورت «الفيشة» تحولت إلى « كرت إلكتروني» كان مجانيا ويمكن أن تدخل فيه المبلغ الذي تريد، لكنه منذ عام أصبح يباع بخمسة دراهم أيضا، وعبر هذا الكرت صار يمكن استنزاف 100 درهم في ربع ساعة لأن أسعار الألعاب صارت أغلى، والأطفال لا يسألون عن السعر عند اللعب. المشكلة أن رقابة الآباء على أسعار الألعاب ليست كافية، وتمثل عبئا اضافيا على الوالدين خاصة الآباء، فالرجال بطبيعتهم لا يستطيعون التركيز في الضوضاء، ولا يجادلون في الأسعار لكنهم يدفعون بمرارة وحين يخرجون أطفالهم بصعوبة من أرض الألعاب بعد أن يستنفدون المبالغ التي خصصت للعبهم يلتفتون على الأم ليقولوا الجملة الأزلية: «فقرونا عيالج»! وشكل انطلاق مهرجان «صيف في أبوظبي» الذي يقام في أبوظبي للمعارض منذ ثلاثة أعوام بديلا جيدا للأهالي الذين يقضون الصيف في أبوظبي كونه وفر وجهة اضافية لهم يمكن أن يزوروها هم وصغارهم ليتمتعوا بأجواء الألعاب والحياة المرحة. وحتى هذا المهرجان الذي انتظره الناس كبديل اقتصادي جيد لهذه المراكز في الصيف صارت معظم ألعابه تدار بالطريقة ذاتها، لأن المستأجرين هناك يودون الربح أيضا على أيدي الأطفال، ولولا الفعاليات الجميلة الشيقة التي تنظمها هيئة السياحة في أبوظبي وترافق المهرجان لما استطاع معظم الزوار اصطحاب أطفالهم أيضا. فتحية البلوشي