مقبرة الحديبة
استهجنت الأسبوع الماضي موضوعاً أخبرني به أحد الأشخاص عندما توفي له أخ يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً نتيجة سكتة قلبية أصيب بها نهاية الأسبوع الماضي، وكيف أن التعقيد قد يدخل أحياناً في مسألة الدفن، فحينما توجه بعد وفاة أخيه الصغير لتخليص إجراءات الدفن والتي تتضمن دفن المتوفى في مقبرة «الحديبة» في إمارة رأس الخيمة، توجه الأخ الأكبر للعامل الموجود بالمقبرة وأخبره بأنه يحتاج إلى قبر ليدفن فيه أخاه المتوفى، بما أنه نفس مكان دفن والدته.
وبعد سؤال العامل عن المبلغ والإجراءات المطلوبة جاء رده مفاجئاً، حيث قال لامجال لدفن المتوفى في المقبرة، بحجة أنها ممتلئة ولاتوجد فيها أماكن شاغرة، على الرغم من أن الحقيقة عكس ذلك، وبحسب رؤية العين التي تؤكد وجود مساحة كبيرة تتسع لعشرات الموتى، ولم يقتنع صاحب المسألة بالكلام فتوجه إلى العامل الثاني بعد أن أدار الأول ظهره، وسأله عن سبب منع الدفن في هذه المقبرة، فنصحه بصوت خافت بأن يكلم المسؤول عن المقبرة، الأمر الذي فاجأ الرجل مرة أخرى، عندما تحدث إليه عبر الهاتف، حيث بدأ المسؤول بسؤال الرجل عن عمر المتوفى وصلة القربى وهل يوجد موتى له أو أهل في هذه المقبرة، إلى جانب عدد من الأسئلة التحقيقية التي كانت كالاستجواب.
الأمر الذي شد أعصاب الرجل «الأخ الكبير» ورفع ضغطه فهو في حالة لا يحسد عليها، فالمتوفى أخوه الصغير والأمر الذي أتى به هو دفنه، أي أن المسألة صعبة وتعتصر قلب الأخ الكبير، فكيف لهذا المسؤول التكلم والسؤال بهذا النحو وهل هناك حقاً موانع حقيقية تمنع دفن أي شخص في أي مقبرة؟! والمسألة التي أدهشتني ولأول مرة أعرف بها أن هناك مقابر يوجد عليها مسؤولون!
الأمر الثاني الذي أود الحديث عنه ولفت انتباهي عشوائية الدفن في عدد من مقابر الإمارة، حيث لايمكن لزائر المقبرة العبور والوصول إلى الشخص المتوفى والمعني للسلام عليه، والسبب في ذلك عدم الترتيب في دفن الموتى، فلماذا لا تكون على خط واحد واتجاه واحد؟، الأمر الذي يمكن زائر المقبرة من التوجه وبشكل ميسر إلى قبر المتوفى وبكل أريحيه.
وأعود مرة أخرى لموضوع التعقيد الذي يدخل أحيانا في كثير من مسائل الحياة والذي طال اليوم مسألة الدفن، والذي بحق يغضبني ويشعل النار في جوفي وكيف لهؤلاء الأشخاص المشرفين على هذه المسألة تضييقها وهي واسعة، ولم لا يتعامل كل شخص مع المواقف التي تصادفه بقليل من الرحمة والعطف والابتعاد عن التكبر الذي بدأ يدخل في جميع تعاملاتنا، سواء كانت القريبة أو البعيدة منها..
Maary191@hotmail.com