يعتب الكتّاب الشباب على الصحافة الثقافية، ويكيلون الاتهامات بالجملة لكل العاملين بالصفحات اليومية والملاحق الأسبوعية التي تصدرها الصحف، فضلا عن المجلات والدوريات المتخصصة· وفحوى تلك الاتهامات، هي أن الصحافة الثقافية تعنى فقط بأخبار وإنتاج الأسماء المكرسة، وتهمل إبداعات الشباب في الشعر والرواية والقصة القصيرة، بالإضافة إلى المراجعات النقدية الضرورية· ولا يتوانى المتهمون عن القول إن روح الشللية ونزعة العلاقات العامة، بما تعنيه من نفعية ومصالح وتبادل خدمات، هي التي تحكم آلية النشر في المنابر الصحفية ''الرسمية''، ما يجعلهم يلجأون إلى فضاء الانترنت ينشرون نتاجاتهم في مواقعه المختلفة، ويعيدون النشر مرة واثنتين وعشر· ومن يتحرى الحقيقة في تلك الأقوال/ الاتهامات، يجد أن المتهمين على حق نسبيا· فالحياة الثقافية العربية تعيش تحت غواية الأسماء الكبيرة، الطنانة، سواء كان ذلك بفعل نزعة العلاقات العامة ومندرجاتها من ناحية، أو محاولة للاستفادة من شهرتها أو درءا لسطوتها من نواح أخرى· ولكل طرف في هذه القضية العذر فيما يقول أو فيما يفعل· فالأدباء الشبان لهم الحق في النشر والإضاءة النقدية أسوة بغيرهم، والأدباء المكرسون يعتبرون أنهم حفروا أسماءهم عبر سنوات طويلة من الجهد، ومحررو الصحافة الثقافية يجرون وراء اللافت والمثير بحسب مقتضيات المهنة· وكأنه لا يكفي هذه المعادلة بين الصحافة والثقافة من عوامل التعقيد، حتى ظهر من يضيف عليها· فالصحافة الثقافية تبدو منشغلة في محيطها الحيوي، تغطي فعالياته وتعكس أنشطته، لا تتخطاه إلى ما يجري خارجه إلا لماما ومن باب درء العتب· وهو عتب يشترك فيه، هنا، الجميع: مكرسون وطامحون، لامعون وباهتون· وكان أقسى العاتبين في هذا المقام ''أمير الشعراء'' كريم معتوق، الذي صاغ عتبه وعتب زملائه، بصوت يشبه القاءه قصائد الهجاء· ففي رأي كريم ـ العائد من السودان والجزائر ـ أن الصحافة الثقافية المحلية لم تقصر في نقل أخبار الكتاب والمبدعين العرب إلى الساحة الإماراتية، حتى ولو كانت عن سفراتهم السياحية، لكنها في المقابل أهملت الإضاءة على المبدع الإماراتي ومشاركاته الفاعلة في منتديات خارج حدود وطنه· ولا تبرير لهذا الإهمال إلا بالتقصير، أو بعدم اهتمام الجهات المنظمة بالتغطية الإعلامية لأنشطتها في الخارج، ما يجعل أخبار العلاقات العامة تتقدم على متابعات الأحداث الثقافية· لقد كانت ''عكاظية الجزائر''، التي شارك فيها شاعران من الإمارات، جهدا مميزا يستحق المتابعة والتنويه، لكن المنظمين أهملوا الجانب الإعلامي، ولولا مبادرة طيبة من الدكتور عبدالملك مرتاض (راجع الصفحة 8 و9) لظل صدى ذلك الجهد يتردد داخل القاعة التي انعقد فيها· العلاقة بين الصحافة والثقافة، قائمة على إشكاليات ملتبسة، وهو التباس لا يوضحه إلا الإبداع الحقيقي بحيث تضيق معه مساحة العتب بين صديقنا ''أمير الشعراء'' وسيدتنا ''صاحبة الجلالة''· adelk58@hotmail.com