مساء أمس الأول وعند أحد المخابز الآلية غير بعيد عن كلية الشرطة على شارع سلطان بن زايد الأول في أبوظبي، كان المشهد الذي قد يتكرر في أماكن أخرى يكشف للمتابع أن كل هذه الحملات التحذيرية التي تطلقها السلطات لحماية الناس من مخاطر التعرض لعدوى فيروس كورونا شاغل العالم لا تصل للكثيرين أو أنهم يتعمدون تجاهلها.
في ذلك المخبز كان الناس يتجمعون داخله وفي مساحة ضيقة بصورة لا تراعي أبسط قواعد الحماية والسلامة، وصاحبه بدلاً من أن يستشعر مسؤولياته في مثل هذا الظرف الدقيق بدا سعيداً بإقبال زبائنه وكان جلهم من العمالة المقيمة المتحدرة من بيئات متخلفة لا تقيم وزناً لعوامل الصحة الوقائية، مشهد يؤكد لنا بما لايدع مجالاً للشك بأن معركتنا مع هذا الفيروس والوباء هي معركة مع الجهل والاستهتار في المقام الاول، فأمثال هؤلاء من المشاركين في مشاهد التكدس والتدافع والازدحام لا يدركون معنى أن يلتقط أحدهم العدوى وينقله لكل من اقترب منه وخالطه.
وأمامنا الحالة التي جرى الإعلان عنها أمس الأول خلال الإيجاز الصحفي للدكتورة فريدة الحوسني المتحدث الرسمي عن القطاع الصحي في الدولة، حيث نقلت تلك الحالة العائدة من السفر ولم تلتزم بقواعد الحجر المنزلي المرض لسبعة عشر من الأهل والأصدقاء وزملاء العمل الذين بدورهم لم يلتزموا بقواعد التعامل مع الآخرين في مثل هذه الظروف من حيث عدم المصافحة والاحتفاظ بمسافة الأمان وتعقيم الأسطح وغيرها من الاحتياطات التي دعت لها السلطات المختصة.
ومن هنا تأتي أهمية الإجراءات التصاعدية التي اتخذتها الدولة وتدخل حيز التنفيذ اعتباراً من اليوم من إغلاق للمراكز التجارية والمحال والبقاء في البيوت والالتزام بالضوابط عند التنقل بالسيارة والمساءلة القانونية للمخالفين. فالفترة القادمة حاسمة في هذه المعركة التي يخوضها العالم في مواجهة الوباء المتفشي الذي كشف حالة العديد من المجتمعات، وبالذات تلك التي لم تتعامل معه بالجدية والاستعدادات الحازمة مما ساهم في ارتفاع الضحايا فيها.
الإجراءات الحازمة الجديدة التي أعلنت عنها الهيئة الوطنية للأزمات والطوارئ بالتعاون مع الجهات المختصة جاءت لأجل سلامتنا جميعًا، وبالتالي المطلوب منا التفاعل الإيجابي معها ودعمها والتعاون مع السلطات لإنجاحها وفي الوقت ذاته توعية العمالة المنزلية وبالذات الذين نرسلهم للأسواق لجلب الاحتياجات اليومية للأسر حتى لا يكرروا مشاهد كتلك التي جرت في المخبز، وحفظ اللهً الجميع.