لست متأكدة حول الدرس المستخلص مما كشفت عنه صحيفة «واشنطن بوست» من أن «مايك بينس» لا يتناول العشاء مع امرأة بمفرده ولا يحضر مناسبات يتم فيها تقديم المشروبات الكحولية ما لم تكن زوجته موجودة. الخيار الأول: أن الأشخاص الأكثر تنويراً، والذين يحملون قيماً ليبرالية بشأن الجنس والنوع لديهم سيطرة عقلانية تامة على محركاتهم السلوكية، فلا يجدون أنفسهم منجذبين فجأة في علاقات بدأت على عشاء عمل، وإنني متأكدة بأن هذا ليس هو الوضع. الخيار الثاني: أن هؤلاء الأشخاص الليبراليين اللطفاء ليس لديهم مشكلة في تطوير مثل هذه العلاقات.. لكن لماذا؟ هل لأن الخيانة ليست أمراً كبيراً؟ لعل هذا ما يقوله بعض الساخرين، لكني على يقين من أن كثيرين منهم لن يكونوا على ما يرام إذا ما جاءت زوجة أحدهم تقول له إنها أمضت 12 ساعة بصحبة أحد الزملاء من قسم المحاسبة! الخيار الثالث: أليس من الغريب خلق حراسة هيكلية ضد الإغراء؟ هل من المفترض أن نتعامل مع الخيانة بنفس الطريقة التي يتعامل بها المتسلقون مع الشلالات؟ إنها مخاطرة بالتأكيد، لا سيما أن احتياطات السلامة ستكون مرهقة ومملة للغاية. وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي سيقوله نفس هؤلاء الأشخاص إذا رفض بينس حضور مناسبات تقدم فيها الكحوليات من دون اصطحاب زوجته، وليس لأنه قلق بشأن الظهور بمظهر غير لائق، ولكن لأنه من مدمني الكحول ويريد التأكد من أنه لن يواجه إغراءً من دون دعم زوجته. وفي نهاية الأمر، يبدو أن منتقدي بينس استقروا على حجتين: أن حكمه بشأن تناول العشاء مع امرأة غير زوجته من شأنه أن يلحق الضرر من الناحية الهيكلية بالنساء اللائي يعملن في الشبكة السياسية لمكتبه، وأن القواعد التي وضعها لنفسه كانت في الواقع مطالب شخصية بشأن زوجته، حيث يطالب «كارين بينس» بأن تتخلى عن عملها وتعمل كمرافقة له. وحول هذه النقطة الثانية، يمكنني فقط القول إنني أتذكر إنه عندما كانت قمة الذوق السيئ تتمثل في إبداء الرأي بشأن ما حدث في زواج شخص آخر مثلاً، مثل ما إذا كانت هيلاري كلينتون أو هوما عابدين قد قامت بتطليق زوجها بسبب علاقات طائشة.. في ذلك الوقت، كان من المفترض أن تكون النساء في سن كارين بينس ناضجات ولهن مطلق الصلاحية في تقرير ما إذا كانت لديهن الرغبة في التحمل من أجل زواجهن، وكان يحق لهن فعل ذلك من دون الحصول على مشورة من مستشاري الزواج الكثيرين. فهل تم الآن إلغاء هذا التقليد السلوكي العام، أم أنه كان مقتصراً على زوجات السياسيين الديمقراطيين فقط؟ أما الاعتراض الآخر فهو أكثر جدية، ولأنني كنت أعمل ذات مرة في مكان حيث تستمر العلاقة بالعملاء في بعض النوادي، وهي الأماكن التي كنت أشعر أنني غير مرغوبة فيها، فإنني على دراية تامة كيف تعوق هذه الأنواع من الحواجز الهيكلية العمل. «إذا كان بينس لن يأكل مع امرأة وحده، فكيف يمكن لامرأة أن تكون رئيسة أركان أو محامية أو مديرة حملة..»؟ كما تتساءل «كلارا جيفري»، المحررة بمجلة «ماذر جونز» على تويتر. وقد استطردت جيفري: «هل يتناول بينس العشاء مع إيفانكا؟ أو كيلي آن؟ أم أنهما مواطنتان من الدرجة الثانية؟.. إنني لا أعلم ولا أبالي إذا كان بينس لديه موقف نفسي خاص، لكنني أبالي إذا كانت المرأة تُحرم من وظيفة أو فرصة، وإذا كان البعض يجد ذلك أمراً طبيعياً. وهل لدى بينس في مهنته أي امرأة تتبوأ منصباً بارزاً، في حملة أو إدارة أو ممارسة خاصة أو برنامج إذاعي أو مؤسسة بحثية». تلك أسئلة معقولة. والأهم أن لها أجوبة، ويبدو أن هذه الإجابات تتضمن عدداً معقولاً من الموظفات اللاتي يقمن بأعمال غير تقديم القهوة، واللاتي لا يعتقدن بالضرورة أن قواعد بينس تمنعهن. وهذا لا يعني القول بأن هذه القواعد لا يمكنها خلق تمييز هيكلي على أساس الجنس، فمن الواضح أنها تستطيع ذلك. وفي الوقت نفسه، فإن منتقدي بينس تجاهلوا أو قللوا من أهمية التهديدات الواقعية الناجمة عن وجود علاقات بين السياسيين والأشخاص الذين يقابلونهم خلال العمل. وللأسف، فإن هذه العلاقات تبدو شائعة. وبالطبع، فإن العلاقات في مكان العمل تكون غير عادلة بالنسبة لغالبية الموظفين الذين لا تربطهم علاقات حميمة مع رؤسائهم. فإذا كنت مستعداً للتهديدات التي تواجه المساواة في مكان العمل، يمكنك منح قواعد بينس فرصة ثانية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»