في إطار تعزيز العلاقات التاريخية بين الإمارات والهند، قام سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، بزيارة رسمية يوم الأحد الماضي إلى العاصمة الهندية نيودلهي، على رأس وفد رفيع المستوى، يضمُّ وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، ووزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، ريم بنت إبراهيم الهاشمي، ووزير الاستثمار، محمد حسن السويدي، ورئيس جهاز الشؤون التنفيذية، خلدون خليفة المبارك، ورئيس دائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي، أحمد جاسم الزعابي، والأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، سيف سعيد غباش.
وتؤشر تركيبة الوفد إلى أن هذه الزيارة تمثل خطوة مهمة في مسار تطوير العلاقات بين الدولتين التي باتت نموذجاً يُحتذى به في التعاون البنَّاء في المجالات كافة، ولاسيما مجال التعاون الاقتصادي، ومنه تحفيز الاستثمارات والتجارة البينية وتعزيز التنمية المستدامة، فضلاً عن مواجهة تحديات التغير المناخي، ودعم الاستقرار والسلام على الصعيد الدولي.
وقد كان في مقدمة مستقبلي سموُّه معالي بيوش غويال، وزير التجارة والصناعة الهندي، حيث أقيمت مراسم استقبال رسمية، وحضر سموّه عدداً من الفعاليات التي تعكس عمق ومتانة الروابط الاقتصادية والثقافية التي تجمع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الهند الصديقة.
وتؤكد هذه الزيارة عمق ومتانة الروابط التاريخية والاقتصادية والثقافية الراسخة بين الإمارات والهند، والتي تعود إلى ما قبل قيام دولة الاتحاد، حيث جمعت شعبي البلدين علاقاتٌ متنوعةٌ، وجمع قادةَ الدولتين تاريخٌ طويلٌ من اللقاءات المثمرة والبنَّاءة.
وخلال هذه الزيارة التقى سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وعدداً من كبار المسؤولين في الهند، لبحث سُبل تعزيز التعاون المشترك في القطاعات الحيوية الاقتصادية المختلفة، والتعاون في مجال الطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي، والتنسيق بشأن قضايا الأمن الإقليمي والعمل الإنساني، والبناء على ما وصلت إليه الشراكة الاستراتيجية من تطور خلال السنوات الماضية، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.
ومما لا شك فيه أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي شهدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وناريندرا مودي رئيس الوزراء الهندي، في شهر يناير 2017، تُعدُّ نقلة نوعية في العلاقات الثنائية التي تربط البلدين، ومنطلقاً راسخاً للتعاون في كثير من المجالات، بهدف تعزيز استقرار المنطقة وتطوير اقتصادي البلدين على أساس شراكة قوية ومستدامة.
وقد بلغت العلاقات الثنائية بين الإمارات والهند آفاقاً جديدة في 18 فبراير 2022، من خلال بيان الرؤية المشتركة بين البلدين، الذي تم إطلاقه افتراضياً بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وناريندرا مودي، حيث اتفق الجانبان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وبالتحديد في مجالات الاقتصاد، والثقافة، والعمل المناخي، والطاقة المتجددة، والأمن الغذائي والصحة، والتعليم، والدفاع والأمن.
علاوة على ذلك، تم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) التي تهدف إلى زيادة الاستثمار والتدفقات التجارية على أساس التعريفات المنخفضة وزيادة الكفاءة التنظيمية، ما يمهد الطريق لزيادة حجم التبادل التجاري الثنائي غير النفطي إلى 100 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030.
جدير بالذكر، أن التعاون الاقتصادي بين الإمارات والهند يشهد زخماً متواصلاً، في مجالات وأنشطة الاقتصاد الدائري والسياحة والطيران وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والتحول الرقمي، والنقل. وارتفع إجمالي التجارة غير النفطية بين البلدين بنسبة 3.94% من 51.4 مليار دولار أميركي في عام 2022 إلى 53.4 مليار دولار أميركي في عام 2023، وبلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الهند نحو 16.2 مليار دولار للفترة من 2019 إلى 2023، في حين بلغت استثمارات الهند في الإمارات 7.76 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
إن تطوير التعاون الثنائي بين الإمارات والهند يمثل نموذجاً ناجحاً، وهو يستند إلى علاقات استراتيجية راسخة بين البلدين الصديقين، ولا شك أن هذه الزيارة سوف تمثل دفعة جديدة لتوسيع آفاق هذا التعاون الذي يحقق المصالح المشتركة للطرفين.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية