توفي رئيس وزراء الهند السابق الدكتور مانموهان سينغ، الخبير الاقتصادي ذو السمعة الدولية المرموقة، عن عمر يناهز 92 عاماً جرّاء أمراض مرتبطة بالسن.
كان رئيسَ وزراء الهند الرابع عشر، وقد تولى هذا المنصب المرموق لمدة 10 سنوات. سينغ، الذي يُعد مهندس التحول في الاقتصاد الهندي، قال ذات مرة قولته الشهيرة في التسعينيات: «لا تستطيع أي قوة على وجه الأرض إيقاف فكرة حان وقتها». مقولة سينغ كانت تتعلق بتحرير الاقتصاد الهندي، الذي مهّد الطريق للبلاد حتى تصبح ما هي عليه اليوم: الاقتصاد الأسرع نمواً في العالم. كان زعيماً يحظى باحترام كبير وشخصية لعبت دوراً رئيسياً في تحرير الاقتصاد الهندي. فالفضل في تحويل الاقتصاد الهندي، الذي كان معروفاً ببطء نموه في السابق، إلى واحد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، يعود إلى ما قام به مانموهان سينغ حين كان وزيراً للمالية في التسعينيات، قبل أن يشغل لاحقاً منصب رئيس الوزراء.
ولهذا، فإن الهند تدين له بفضل كبير. سينغ، الاقتصادي المتواضع الذي بدأ من أكثر البدايات تواضعاً ليشق طريقه نحو النجاح، كان من أتباع الديانة السيخية ورئيس وزراء الهند الوحيد الذي كان ينتمي إلى هذه الأقلية في تاريخ الهند ما بعد الاستعمار. وقد وصفه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أثناء تأبينه، باعتباره أحد «أكثر قادة البلاد تميزاً»، ما يُعد دليلاً على الاحترام الذي كان يحظى به الزعيم الراحل من كلا الحزبين. وقبل أن يصبح رئيساً لوزراء البلاد، رأس سينغ البنك المركزي الهندي، ثم شغل منصب سكرتير المالية ووزير المالية.
وفي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، شغل مانموهان سينغ مناصب مختلفة، بما في ذلك منصب كبير المستشارين الاقتصاديين، ومحافظ بنك الاحتياطي الهندي «البنك المركزي الهندي»، ونائب رئيس لجنة التخطيط الهندية. كما كان محافظاً مناوباً عن الهند في بنك التنمية الآسيوي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وعضواً في لجنتي الطاقة الذرية والفضاء.
وحصل على شهادة في الاقتصاد بدرجة الشرف. ثم أتبع ذلك بالحصول على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أكسفورد. كان أستاذاً يدرّس مادة «التجارة الدولية» بكلية دلهي للاقتصاد حينما تم تعيينه في 1991 وزيراً للمالية من قبل حكومة حزب «المؤتمر الوطني» آنذاك بقيادة رئيس الوزراء السابق ناراسيمها راو.
وقتذاك، قاد سينغ الاقتصاد الهندي الذي كان يواجه خطر التخلف عن السداد في وقت انخفض فيه احتياطي البلاد من العملات الأجنبية إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، ودفع في اتجاه تحرير الاقتصاد وخفض قيمة العملة، رغم المعارضة الشديدة لزملائه في الحكومة؛ كما خفض الرسوم الجمركية على الواردات وخصخص الشركات المملوكة للدولة.
وظل ثابتاً على موقفه فيما يتعلق بتحويل الاقتصاد القديم والإصلاحات التي أدرك أنها تساعد ملايين الهنود على الخروج من الفقر والتمتع بثمار نمو الاقتصاد. وقد تولّى رئاسة الوزراء لفترتين من 2004 إلى 2014. وفي كلتا الفترتين.
ورغم ضغوطات السياسة الائتلافية وإكراهاتها، فإنه استطاع أن يقود الحكومة نحو قرارات جريئة في السياسة الخارجية وكذلك في الاقتصاد. وكانت تلك هي الفترة التي شهدت فيها الهند بعضاً من أسرع معدلات النمو الاقتصادي في عهده كرئيس للوزراء. ففي السياسة الخارجية، عمل سينغ على تقريب الهند من الولايات المتحدة إدراكاً منه بأن مصالح الهند تكمن في توطيد علاقات بلاده مع واشنطن. كما عمل على تنشيط سياسة بلاده الشرق أوسطية، حيث عمّق العلاقات مع دول المنطقة بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
* رئيس مركز الدراسات الإسلامية نيودلهي