تواصل دولة الإمارات التزامها الراسخ بتقديم المساعدات لتخفيف الأزمة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوداني الشقيق، فتزامناً مع   الاحتفاء بيوم زايد للعمل الإنساني أعلنت دولة الإمارات عن مبادرة بالتنسيق مع حكومة جنوب السودان لتنظيم زيارة إنسانية رفيعة المستوى إلى مخيم غوروم للاجئين في جوبا، انطلاقاً من حرص دولة الإمارات على تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الكارثة الإنسانية التي يعانيها السودان. فمنذ اندلاع الصراع المسلح في السودان في منتصف أبريل من العام 2023، يعيش السودان أسوأ أزمة إنسانية على المستوى الدولي، بعد أن احتدم الصراع بين طرفي المعادلة العسكرية في السودان، وعلا ضجيج السلاح مع انعدام أفق التوافق وتغليب المصالح الوطنية، فحولت الحرب المستعرة السودان إلى ساحات دمار وخراب، ودمرت البنى التحتية، وشردت الملايين من المواطنين داخل وخارج السودان. 
 وبعيداً عن الأرقام التي توصف الواقع المأساوي الذي يعيشه السودانيون بسبب تلك الحرب، فإن الحكومة السودانية التي كان عليها مسؤولية حماية المدنيين بالسودان، وتأمين سبل الحياة الآمنة والكريمة، انحازت للجيش بدلاً من انحيازها للشعب، وأعلنت دعمها للحرب التي يدفع ثمنها الأطفال والنساء والشيوخ والعجز، بدلاً من دعمها للسلام والتنمية، وكفالتها لحق الإنسان في الحياة، وهو ما أسهم في امتداد الصراع إلى كل مدن السودان وحواضنه، وتعميق المأساة التي يعيشها المدنيون على امتداد جغرافيا الوطن بتنوعاته القبلية والاثنية.
ورغم الجهود الدولية والإقليمية التي حرصت على احتواء الصراع وإنهائه، فإن إصرار الجيش السوداني على المضي في الحرب دون مراعاة لمعاناة المدنيين وما يعانون من مآسٍ، أغلق كل آفاق الحل، وأنهى كل محاولات إنهاء الصراع، ووقف الجميع عاجزاً عن تحقيق السلام وحماية المدنيين بالسودان.
 ورغم حجم المأساة الإنسانية التي تشير تقارير الأمم المتحدة إلى تجاوزها كل الحدود المقبولة، ومع تصدر الأرقام المفزعة المعبرة عن قساوة المشهد الإنساني المؤلم، فالأطفال بلا مأوى ولا علاج ولا تعليم، والنساء بلا رعاية ولا حماية، والمرضى يتهددهم الموت مع انعدام الدواء وعجز المرافق الصحية، كما يزيد شبح المجاعة من قساوة المشهد الإنساني لاسيما بمناطق دارفور، وعدد من مخيمات اللجوء، وسط صمت دولي شبه كامل، وعجز أممي غير مبرر، فالاستجابة الإنسانية محدودة، وطريق السلام معدوم ومتعذر.ووسط هذا المشهد القاتم، جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة كأحد أبرز الداعمين الإنسانيين للسودان. وتعاملت مع الأزمة من منظور إنساني بحت، بعيداً عن التحديات الجيوسياسية، وذلك من خلال الدور الفاعل الذي اعتمد على مقاربة إنسانية خالصة. فمنذ بداية الصراع المسلح في السودان، أطلقت الإمارات جسراً جوياً لنقل المساعدات الإنسانية والإغاثية للمدنيين، وأنشأت العديد من المراكز والمستشفيات الميدانية القادرة على تقديم الخدمات الصحية والعلاجية للاجئين في الداخل والخارج، كما بادرت إلى تقديم الماء والغذاء والدعم الإنساني والمعيشي لكافة المدنيين المتضررين من الحرب دون تمييز، إضافة إلى تقديم مساعدات طبية وغذائية بلغت مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية والمعيشية والأدوية والمعدات الطبية. كما ساهمت الجمعيات الخيرية والإنسانية الإماراتية، في تنفيذ مشاريع دعم مباشر استهدفت المدنيين في السودان، وحرصت على تعزيز المجالات المعيشية والإغاثية والرعاية الصحية في الداخل والخارج.
وليس الدعم الإنساني والمعيشي هو ما يميز الموقف الإنساني الإماراتي، بل الرؤية المتكاملة التي تضع الإنسان في صدارة أولويات تحركها ومواقفها، فالسلام والحماية وإعادة الأمل أهداف تمحورت حولها كافة الجهود الوطنية والإنسانية الإماراتية، فلا بديل عن السلام الشامل بالسودان، والتنمية التي تحقق للشعب السوداني مستقبله الذي ينشده، في ظل حكومة تمثله وتعبر عن إرادته وتحفظ أمنه وسلامه واستقراره.
*كاتبة إماراتية.