تركيز الدول المتقدمة القوية اقتصادياً على الصناديق السيادية أصبح أمراً أساسياً يتصدر خططها التنموية. وأصبحت هذه الصناديق هدفاً بالغ الأهمية في أجندة تلك الدول.

نقول ذلك على الرغم من أن تلك الدول تتمتع باقتصاد قوي لا تهزه أحداث مفاجئة غير محسوبة العواقب. مستقبل الصناديق السيادية هو مستقبل واعد، كونها مورداً مهماً إذا ما أُحسن استغلاله كما يجب وتوظيفها حسب الأصول الاقتصادية المرعية.

وهذه الصناديق تحافظ على الثروة، وغالباً ما يتم إنشاؤها للحفاظ على جزء من ثروة البلد للأجيال المقبلة، من خلال استثمار فائض الإيرادات، يُمكن للدول توفير الموارد للأوقات الصعبة، وفي الأزمات تفيد العديد من البلدان التي تعتمد بشكل كبير على تصدير سلعة واحدة، مثل النفط، تُنشئ صناديق استثمار لتنويع مصادر دخلها، ذلك يُساعد في التخفيف من تأثير تقلُّبات الأسعار في سوق السلع الأساسية.

صناديق الثروة السيادية تعمل كأداة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. وخلال الأزمات والتقلبات الاقتصادية والركود، يمكن الاعتماد على صناديق الثروة السيادية لدعم الإنفاق الحكومي والأنشطة الاقتصادية. ويتم إدارة صناديق الثروة السيادية لمدى طويل الأجل، بهدف تحقيق نمو مستدام وتوليد عوائد تعود بالمنفعة على اقتصاد الدول مع مرور الوقت.

هذا بالإضافة إلى أنه تقوم بعض صناديق الثروة السيادية أيضاً باستثمارات استراتيجية في الصناعات أو القطاعات الرئيسية لدعم التنمية الاقتصادية وتعزيز المصالح الوطنية. كما أنه جدير بالذكر أن الاستثمار بالصناديق السيادية يسهم بدرجة كبيرة في خلق فرص عمل مستقبلية مهمة للأجيال القادمة، وخصوصاً التي ستخرج إلى السوق المحلية لتمارس دورها الوظيفي، حيث لابد من التفكير والتخطيط قبل الوصول إلى تلك المرحلة بسنوات وعقود، تجنباً لأي بطالة قد تحدث في سوق العمل. وهي مسألة مهمة يتوجب أن تتنبه لها دول الخليج العربي في المستقبل القادم.

وما يهمنا أن نرى اهتماماً أكبر في دول الخليج العربي بهذا الصدد لتعزيز الصناديق السيادية فيها. والتركيز أكثر من أي وقت مضى على تلك المسألة.

وفي هذا الصدد، فإنه لابد لنا هنا من الإشادة بالصناديق السيادية، التي أنشأتها غالبية دول الخليج العربي، وحققت فيها إنجازات مهمة على صعيد رأسمال تلك الصناديق التي طاولت مئات المليارات من الدولارات. وهو سند ممتاز لاقتصادات تلك الدول في المرحلة القادمة.

*كاتب كويتي