لكل أمة لحظاتها التاريخية، ولكل بلد محطاته التي يتغنى بها. ولعَلَم دولة الإمارات الحبيبة قصة استثنائية ملهمة وجديرة بالاحتفاء. فهي قصة أمة ولدت من رحم الصعاب، وحكاية قادة جمعتهم وحدة الكلمة وروح التكاتف والتضحية من أجل وطنهم المنشود، ورواية شعب كان يعيش في سبع إمارات متفرقة، ولكن تجمعه الطموحات والأحلام نفسها، ويعيش الهموم والتحديات ذاتها، ويحدوه أمل واحد بمصير مشترك وبمستقبل مزدهر.
في لحظة رفعه ليراه العالم أول مرة قبل 53 عاماً بدار الاتحاد في منطقة جميرا بدبي، كان علم الإمارات بين يدي الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله وطيب ثراه، وإلى جانبه المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وشيوخ الإمارات المؤسسون، رحمهم الله، بعد أن اتفقوا على قيام صرح الاتحاد، معلنين ولادة أمة جديدة، ومستشعرين روح الوحدة المتدفقة في كيان هذا العَلَم. كم مثالاً يعرف التاريخ عن دولة تأسست بالمصافحة والعناق؟
إنها حلم زايد ورؤيته وثمرة تفانيه وإرثه الذي لم يشهد له تاريخ الدول الحديثة نظيراً، وهي رواية لم تكن لتكتمل فصولها لولا أولئك القادة الحكماء الذين اجتمعوا في يوم تاريخي حاسم ليكتبوا فصلاً جديداً في تاريخ المنطقة، ويحققوا حلماً لطالما ترسخ في قلوبهم وقلوب الشعب الإماراتي، وهو توحيد الإمارات السبع تحت راية واحدة.
وبالفعل، في ذلك اليوم المفعم بالإيمان بمستقبل أمة موحدة، وُلد عَلَم الإمارات، واتجهت الأنظار إليه متطلعة نحو طموحات غير محدودة، تجمع ما بين الشجاعة والبصيرة، ليصبح العَلَم الجديد رمزاً للعزة والانتماء والكرامة، وشاهداً على نهضة أمة ومسيرة دولة عربية حديثة، قامت على مبادئ التضحية والعمل الجاد، وتسعى إلى بناء مجتمع مزدهر وتحقيق إنجازات رائدة ومستقبل مشرق لكل إماراتي ولكل مقيم على أرض الإمارات الغالية.
لقد كتب زايد وراشد والآباء المؤسسون الفصل الأول من تاريخ هذه الدولة المعطاءة، وكانوا خير قادة لرحلة الوحدة، وتحملوا تحدياتها بكل صبر وحكمة وشجاعة وتضحية، مؤمنين بقدرة الإنسان على صنع المستقبل، حتى أصبحت «دار زايد الخير» وطناً يحتضن الجميع ويتسع لأحلامهم، ويعلي من قيم التسامح والتعايش والعدالة والمساواة، ويحترم الإنسان ويُقدِّر كرامته، ويؤمن بأن التنمية الحقيقية هي تنمية الإنسان.
إن يوم العَلَم، بكل ما تحمله سرديته الفريدة من معانٍ وقيم نبيلة، هو مناسبة لنعود بقلوبنا وخواطرنا إلى تلك اللحظة الفارقة والجميلة في عمر دولتنا، نحيي إرث القادة، ونحتفي بتلك الروح القيادية التي ما زالت شعلتها متجددة في قيادتنا الرشيدة اليوم، أبناء زايد وراشد والآباء المؤسسين. فها هي دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، تواصل مسيرتها التنموية المستدامة في مختلف المجالات، وحققت سمعة طيبة ومؤثرة على الساحة العالمية، وغدت بلداً يحتضن 200 جنسية يعتبرونها وطنهم الثاني، ووجهة مفضلة للعيش والعمل والسياحة والاستثمار، ومقصداً للأعمال القائمة على المعرفة والابتكار والتكنولوجيا والعلوم المتقدمة، ومركز جذب للمبدعين والمواهب، وبيئة حاضنة لأرباب الفن والثقافة.
لقد أجادت دبي بإطلاق حملتها المتميزة «زايد وراشد» في هذه المناسبة، والتي تستمر من يوم العَلَم إلى عيد الاتحاد، فهي تذكرنا بالعزيمة التي حملها الآباء المؤسسون، وتجدد فينا عهد الوفاء الذي أبرمه زايد وراشد والحكام المؤسسون، وتُحفِّزنا على المضي قدماً في مسيرة العمل والإنجاز. إنها مناسبة لتعزيز انتمائنا وارتباطنا بجذورنا، وتأكيد ولائنا لهذا الوطن وقيادته الرشيدة التي لم تتخلَّ يوماً عن أحلام شعبها. ففي دولة الإمارات ليس عليك أن تخشى تحريك عجلة الزمن، فالماضي شموخ وإلهام وعزة، والحاضر نهضة وتقدم وازدهار، والمستقبل طموح وإيجابية وتفاؤل بالأفضل. فلنرفع رؤوسنا في يوم العَلَم، ولننظر بفخر إلى هذه الراية الخفاقة في سماء الإمارات منذ 53 عاماً، شاهدة على إنجازات غير مسبوقة، ولنستشعر رمز اعتزازنا بأرض جعلتنا نسمو ونحلم ونحقق المستحيل بدعم قيادتنا الرشيدة وبسواعد أبناء الإمارات.
سمو الشيخة روضة بنت زايد آل نهيان.