يواجه شعب كردستان والعراق بأسره في الوقت الراهن تهديداً من قبل منظمة إرهابية بربرية متعصبة تأمل في الهيمنة على دول الشرق الأوسط. ونحن عازمون على دحر هذا التهديد بمساعدة الولايات المتحدة وأصدقائنا حول العالم. ولا يمكن أن يكون هناك تهويل أو مبالغة في مدى الخطر الذي أصبح عليه الوضع الآن. فقد امتدت الحرب الخاطفة التي شنّها «تنظيم الدولة الإسلامية» من سوريا إلى العراق، وهدفها غزو مساحات شاسعة من العالم والسيطرة عليها. وعلى رغم أن بعض من طموحاتها الكبيرة ربما تكون أبعد من إدراكها، فإن العراق وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط ووسط آسيا ليست كذلك. وتكشف عمليات الذبح والتدمير في سوريا وأجزاء من العراق عن النموذج الذي يمكن أن نتوقع حدوثه في أي جزء من العالم يسيطر عليه أعضاء "داعش". ونحن أخلص حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، ولدينا القوة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك الإمكانيات والإرادة لحماية آلاف الأرواح من الرعب الذي يحمله هؤلاء الإرهابيون، لكن لا يمكننا أن نفعل ذلك وحدنا. وحقيقي أن مقدمات الأزمة الراهنة سياسية، وهكذا كان صعود النازية. ولكن بما أن الإرهابيين قد أصبحوا الآن قوة عسكرية نشطة، فإنها لم تعد أزمة سياسية، وإنما أزمة أمنية، وعلى العالم أن يتحرك للحيلولة دون حدوث إبادة جماعية ومذبحة للأبرياء. ويجب أن يصبح أي موقع يسيطر عليه الإرهابيون هدفاً مباشراً، وليس فقط المناطق المحيطة بأربيل وجبل سنجار. ولا بد من شن هذه الحرب بقيادة العالم المتمدن في مرحلة ما. وكلما طال التأجيل، كلما أصبح القتال أكثر صعوبة. ويتمركز جيش البشمركة الكردي ليكون طليعة لجيش العالم المتمدن على طول جبهة واسعة. وقد دعمنا الولايات المتحدة من قبل في عامي 1991 و2003 ضد نظام صدام حسين، وها نحن نفعل ذلك مرة أخرى. ولكن في أعقاب عمليات الزحف الأخيرة التي قامت بها قوات «داعش»، باتت كردستان العراق تتقاسم حدوداً بطول 600 ميل مع الإرهابيين، ومن ثم نحتاج بصورة ملحة إلى مزيد من المساعدات المنسّقة. ونأمل أن تكون الضربات الجوية الأميركية ضد المواقع الإرهابية يوم الجمعة الماضي مجرد بداية. ويمكن أن تساعد أجهزة الاستخبارات الأميركية في تقليص قدرة الإرهابيين على شن هجمات مفاجئة. ونحتاج بصورة عاجلة تسليم أسلحة ثقيلة لقوات البشمرجة من أجل تحقيق مكاسب على الأرض. وقد استحوذ الإرهابيون على أسلحة ثقيلة أميركية سلبوها من قوات الأمن العراقية. وإضافة إلى ضم مزيد من الأراضي، يتمكن التنظيم من إرهاب سكان جدد ونشر أفكاره وتجنيد الشباب، وزيادة الإيرادات من خلال فرض الضرائب والسيطرة على الموارد النفطية وتوسيع شبكته الاستخباراتية. وكلما أصبحوا أشد قوة، كلما صارت هزيمتهم أكثر صعوبة. ونحن ممتنون لأصدقائنا في واشنطن والبيت الأبيض على تأييدهم الذي منحونا إياه على مر السنين. وبسبب خطورة الموقف، نطلب من أصدقائنا مواصلة مساعدتنا مرة أخرى. وقد شن الإرهابيون الأسبوع الماضي هجوماً جديداً مباشراً يستهدف مدناً يحميها الأكراد، بما في ذلك منطقة سد الموصل، ومقاطعة سينجار، ومعبر الربيعة على الحدود مع سوريا. وعلى مدار قرون، ظلت هذه المنطقة موطنا لعدد من الأديان والطوائف. وفي مستهل عملهم، أمر الإرهابيون المسيحيين باعتناق الإسلام، أو دفع الجزية، أو مواجهة الموت. وهؤلاء الذين يرفضون ذلك يتعرضون لأبشع أساليب القتل. وللمرة الأولى في تاريخ العراق، تصبح الموصل خالية تماماً من المسيحيين. ويتعرض مئات الآلاف من السكان، من بينهم أقليات دينية إيزيدية ومسيحية، لخطر مذبحة حقيقية. وليس ثمة شك في أن ذلك ينطبق عليه وصف إبادة جماعية. وفي هذه الأثناء، نتيجة للصراع في سوريا والزحف الإرهابي في العراق، استقبلت منطقة كردستان أكثر من مليون لاجئ ونازح داخلي. وتواجه قوات البشمرجة عدواً يمتلك أسلحة أميركية بالغة التفوق. ومن الضروري أن نحصل على دعم عسكري من الولايات المتحدة وأصدقائنا الآخرين مباشرة. ويحمل كل يوم يتمكن فيه الإرهابيون من العمل بحرية مخاطر على حياة أفراد الشعب وأزمات إنسانية متزايدة ودماراً ورعباً. ويجب أن يعرب كل دين ودولة ومجتمع عن دعمه للحضارة والإنسانية. وعلى الدول التي تمتلك القدرة على تقديم مساعدات، لا سيما الولايات المتحدة، أن تدرك مدى إلحاح هذا الخطر وتتحرك تبعاً لذلك، وعلينا أن نوقف الإرهابيين الآن، ويمكننا ذلك من خلال استمرار الدعم الجوي وتوفير المعدات العسكرية. مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان العراق يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»