"ميت رومني" يرغب في التغيير. كيف لنا أن نعرف؟.. الواقع أن الحاكم "الجمهوري" السابق لولاية ماساشوسيتس استعمل كلمة "غيَّر" أو إحدى مرادفاتها ما لا يقل عن ثلاث عشرة مرة في إعلانه عن الترشح في انتخابات الرئاسة الأميركية يوم الثلاثاء الماضي. بطبيعة الحال، فإن أكبر موضوع للتغير في حياة "رومني"، حتى الآن على الأقل، هو "رومني" نفسه. ولعل ذلك ليس أمراً سيئاً. فإذا كان البعض يرغب في رئيس محصور في أرثوذوكسية يمكن توقعها، "يمينية" كانت أم "يسارية"، فإن الولايات المتحدة في أمس الحاجة إلى رئيس يستطيع التعلم والتكيف والقيام بخطوات إيجابية. والأكيد أم مشوار "رومني" المهني كرأسمالي -يملك نحو 500 مليون دولار- دليل على مدى حذقه وفطنته. وهكذا، فحين يقول "رومني"، الذي كان والده –جورج- صاحب شركات صناعة السيارات قبل أن يصبح حاكماً، إن "التجديد والتغيير هما وراء نجاح أميركا"، فإنه يعي ما يقول. غير أن قرار "رومني" إلقاء خطابه في متحف "هنري فورد" في "ميتشجان" كان مثيراً للجدل على اعتبار أن "فورد" عُرف بمعاداته للسامية، إلا أن تركة "فورد" الاقتصادية تستحق التذكر، والحقيقة أننا نأمل تكرارها في وقتنا الحاضر. ربما لن نحتاج إلى سياسات "فورد"، إلا أننا في حاجة إلى رؤية الرجل الذي نهض بصناعة السيارات في أميركا قبل قرن من الزمن، ضامناً بذلك صعود الولايات المتحدة الاقتصادي والعسكري. في فيلم "رسائل من إيو جيما"، الذي يحكي قصة الحرب العالمية الثانية، يشرح القائد الياباني لجنوده أن مصيرهم الهزيمة لأنهم يقاتلون بلداً ينتج خمسة ملايين سيارة سنوياً. وبطبيعة الحال، ورغم أن اليابانيين قاتلوا بشجاعة، إلا أنهم قُتلوا جميعاً تقريباً، ودفنوا تحت سيل من الفولاذ الأميركي. ولذلك، فلا غرابة أن تعمل اليابان منذ 1945 على إنشاء مصانع من النوع الذي كان "فورد" سيُعجب به لو أنه كان ما يزال على قيد الحياة. وبموازاة مع ذلك، انخفضت حصة الولايات المتحدة من إنتاج سيارات العالم من 90 في المئة إلى 10 في المئة. هل لذلك أهمية عسكرية؟ الواقع أننا لا ندري، إلا أننا سنكتشف هذا في الحرب الكبرى المقبلة. في غضون ذلك، سيكون الرئيس الأميركي المقبل مطالباً بالتعامل مع مشكلات القطاع العام. والحق أن برنامج العناية الطبية الشاملة الذي سنه "رومني" في ماساشوسيتس شكل حلاً صائباً يوفق بين واجب العقد الاجتماعي الذي يرى ضرورة توفير التغطية الصحية للجميع والحاجة الملحة إلى تفادي الاشتراكية البيروقراطية. وهكذا، فحينما قال "رومني" يوم الثلاثاء "إذا كان ثمة يوم نحتاج فيه بشدة إلى التجديد والتغيير، فهو اليوم"، فإنه كان يصف بدقة الحاجة إلى إصلاح الوضع الراهن الهش في قطاع الصحة والتعليم والأمن الداخلي. قد يشير بعض المنتقدين إلى أن "رومني" غيّر موقفه من بعض المواضيع -أو إن شئتم، انقلب عليها- مثل حقوق الشواذ الجنسيين والإجهاض، بل وحتى الضرائب. والحال أن التجديد والتغيير يبدوان محتمين، بل وأساسيين. فبعد ثماني سنوات من الانتهازية، وبعد ثماني سنوات أخرى من "الصفاء الأخلاقي" الذي لم يعد بالإمكان تمييزه عن الهوس الأعمى، ربما يدعم الناخبون في 2008 مرشحاً يثبت أن له قيماً فضيلة، حتى في الوقت الذي يقال لنا فيه إن علينا أن نتعلم من أخطائنا -وإن علينا أن نتعلم من جديد ونعمل من جديد. ـــــــــــــــــــــــــــــ كاتب ومحلل سياسي أميركي ـــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"