حسناً، سنزيد عدد قواتنا في العراق. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: كيف؟ هل سنزيد بالتكنولوجيا التي يمكن أن نضحي بها، أم بالدماء الغالية لرجالنا ونسائنا؟ للأسف، فإن الرئيس بوش لا يتوفر على خيارات كثيرة لأننا لم نستثمر كما ينبغي في الأجهزة والمعدات التي من شأنها أن تدعم حظوظ انتصارنا. ونتيجة لذلك، يمكن اختزال مخطط المعركة الأميركية في العراق وأفغانستان اليوم في كلمة واحدة هي "الجنود"؛ إذ نُعرض أفضل مقاتلينا للخطر عبر إرسالهم على متن مركبات غير مدرعة تدريعاً جيداً، وبدعم لوجستي غير كافٍ. من قال هذا؟ الواقع أن الجيش الأميركي هو مَن قال هذا. فقد أشار الجنرال "ستيفان سبيكس"، نائب قائد أركان الجيش المكلف بتطوير القوات، في عدد يوم الثلاثاء من صحيفة "واشنطن بوست" إلى أننا "نفتقر إلى المعدات والمركبات المدرعة". والحقيقة أن وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد كان محقاً إلى حد ما عندما قال في 2004 "عليك أن تذهب إلى الحرب بالجيش الذي تمتلك، وليس بالجيش الذي ترغب فيه"؛ فإذا اندلعت الحرب بشكل مفاجئ مثلما حدث في "بيرل هاربر" عام 1941، عندها سيتعين علينا بطبيعة الحال أن نقاتل فوراً بما بين أيدينا. إلا أنه حتى في تلك الحالة، فمن المهم استخلاص الدروس وتطبيقها بشكل فوري أثناء الحرب. يحدونا الأمل، في وقت يتواصل فيه الاقتتال، في أن تسارع قيادتنا السياسية- العسكرية إلى تبني أحدث الوسائل التكنولوجية، ليس لمضاعفة فرص الانتصار فحسب، وإنما أيضاً لتقليل التكلفة من حيث الأرواح الأميركية إلى أقصى حد. فقد شهدت الأشهر الخمسة والأربعون من زمن الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال ازدهاراً في الوسائل التكنولوجية الجديدة في الجانب الأميركي، فانتقلنا من الدبابات ضعيفة التجهيز والتوربيدات إلى الطائرات الحديثة والمتطورة، بل وحتى القنبلة الذرية. ومما لاشك فيه أن كل واحد من هذه الابتكارات كان مكلفاً مادياً، غير أنه لا يقدر بثمن. وهنا يجوز لنا أن نتساءل: هل كان ثمة تطور مماثل للتكنولوجيا العسكرية الأميركية في الأشهر الستة والأربعين التي كنا فيها في العراق؟ وإذا كان الجواب بالنفي؟ فلماذا؟ يراود المرء شعور محزن بأن الأميركيين، بمركباتهم اللافتة، سيتم تذكرهم في القرن الحادي والعشرين باعتبارهم نظراء للجنود البريطانيين في القرن الثامن عشر، أولئك الذين كانوا يمشون في إطار فرق منظمة عبر غابات المستعمرات الثلاث عشرة، فكانوا بذلك عرضة لرصاص القناصين الأميركيين الذين يختبئون وراء الأشجار. لم يستطع البريطانيون أو لم يريدوا التكيف مع هذا التحدي؛ فكانت النتيجة أن خسروا الرجال قبل أن يخسروا الحرب. واليوم تكتشف قواتنا المسلحة أحدث تكنولوجيا القنابل التي تستعمل لقتل الأميركيين، وذلك بعد أن ابتُكرت ربما في أحد المختبرات في إيران أو روسيا. والآن فإن أحدث شكل من أشكال المتفجرات المرتجلة -التي تعد سبب معظم الإصابات الأميركية في العراق- متمثلاً في قذائف متطورة يُذكر بأن الأعداء يحرصون حرصاً كبيراً على تطوير أسلحتهم؛ بل وربما يكونون بصدد التفوق علينا. وعن قوة وفتك هذه الأسلحة يقول الخبير "جون بايك" في صفحات "يو إيس إي توداي": "إنها تقطِّع المدرعات مثلما يقطع السكين الساخن الزبدة". فلماذا، لم نتوصل، بعد أربع سنوات، إلى كيفية رصد هذه الأسلحة والقضاء عليها وغيرها الآخر مثل الألغام والقنابل التي تزرع على جانب الطريق؟ ولماذا لم نتجاوز موضوع "الجنود على الميدان"؟ الواقع أنه لو كان زعماؤنا يرغبون حقاً في النجاح في العراق، لكانوا بذلوا ما يلزم في سبيل تزويد جيشنا بوسائل النصر. هل كان ينبغي أن يقاتل مقاتلونا باستعمال طائرات شخصية تجعلهم يحلقون في السماء؟ أم كان ينبغي استعمال "روبوتات" في ساحة المعركة؟ ربما يكون ذلك من قبيل الخيال العلمي، غير أنه لا ضير في إعمال المخيلة قليلاً من أجل الانتصار في الحرب. والحقيقة أن الضير كل الضير هو حينما لا نمد رجالنا ونساءنا بأفضل الأسلحة، مهما كلفت من ثمن. جيمس بينكرتون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"