يمكنك أن تصف ما حدث بأنه براجماتية سياسية، ولكن الرئيس بوش كان بالفعل حاسماً بدرجة دفعت الآخرين لحبس أنفاسهم وهم يرونه يتخلى عن موقف كان قد اتخذه الأسبوع الماضي فقط، وهو ذلك الخاص بأنه سيحتفظ بوزير دفاعه دونالد رامسفيلد حتى نهاية فترة وجوده في منصبه الرئاسي لأن رامسفيلد كان في نظره "يؤدي عمله بصورة رائعة"، وعندما قام الصحافيون بتذكيره بذلك التصريح الأربعاء الماضي وكيف أنه تراجع عنه فإن رد بوش كان هو أنه لم يكن يريد أن يتخذ قراراً متعلقاً بالحرب في الأيام الأخيرة التي سبقت تلك الانتخابات خوفاً من آثاره على نتيجتها. وبعد المكاسب المهمة التي حققها "الديمقراطيون" في الكونجرس بمجلسيه فإن بوش تصرف مثل المرشح الذي خسر الانتخابات حيث يحاول الآن أن يتكيف بمرونة مع تلك الهزيمة التي مُني بها حزبه. وبمعنى من المعاني، فإن بوش عندما يفعل ذلك يتخلى علناً عن هدف كان يتمنى أن يستمر حتى نهاية فترة رئاسته عام 2008، وهو المحافظة على الأغلبية "الجمهورية" في مجلسي الشيوخ والنواب حتى ذلك التاريخ. والقناعة التي جلبتها نتيجة الانتخابات لبوش هي أن هناك عدداً قليلاً من الناخبين الأميركيين هو الذي يؤيد سياساته في الوقت الراهن. ففي استطلاع للرأي أجرته صحيفة "وول ستريت" تبين أن 56 في المئة من الأميركيين يعتقدون أن أميركا تمضي على المسار الخطأ في العراق، كما تبين من ذلك الاستطلاع أيضاً أن 57 في المئة من الأميركيين لا يوافقون على الطريقة التي يقوم بها رئيسهم بأداء مهام وظيفته. وقد أدلى الرئيس بتصريح أول من أمس (الجمعة) قال فيه إن العديد من الأميركيين قد أعطوا أصواتهم لـ"الديمقراطيين" تعبيراً عن عدم رضاهم. والشيء الذي يتعين علينا أن ننتظر كي نرى ما إذا كان سيحدث أم لا هو هل سيستمع بوش أخيراً إلى نصائح جنرالاته العسكريين ويعمل على إجراء تغيير على سياسته في العراق. ومما يذكر في هذا الصدد أن التقرير الذي أعدته "مجموعة دراسة العراق" –التي يرأسها وزير الخارجية الأميركية الأسبق جيمس بيكر والرئيس الأسبق للجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب لي هاملتون- سيقدم إلى الرئيس بوش الأسبوع القادم مما سيوفر له الفرصة للقيام بمراجعة المسار الذي يتبناه في الحرب على العراق. وليس معروفاً حتى الآن تأثير المكاسب الكبيرة التي حققها "الديمقراطيون" في الانتخابات على استقالة رامسفيلد من منصبه كوزير دفاع، وهي الخطوة التي ستبدو في نظر المتمردين في العراق كعلامة على ضعف الموقف الأميركي مما يعزز موقفهم ويجعلهم أكثر جسارة. وفي مؤتمره الصحفي الذي عقده أول من أمس قال بوش في تعليق على ذلك: "إنني أقول لأعدائنا لا تبتهجوا" كان هذا ما قاله.. ولكنه نسي أن الرئيس الذي يضطر إلى التضحية بوزير دفاعه أثناء حرب كي يبقى سفينة إدارته طافية لن يكون مبتهجا أيضاً. دانييل شور ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كبير محللي الأخبار في إذاعة "ناشيونال بابليك" ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"