اليوم الموافق السابع عشر من سبتمبر سيقوم أناس من مختلف أنحاء العالم بالمشاركة في "اليوم العالمي من أجل دارفور" لإظهار دعمهم لشعب هذا الإقليم، ولممارسة المزيد من الضغط على الحكومات من أجل حماية المدنيين الأبرياء. ولاشك أنهم هم على حق في ذلك، وآمل أن يلقى نداؤهم أذاناً صاغية. إن ذلك البصيص من الأمل الذي لاح في أعين الكثيرين منا عندما تم التوقيع على اتفاقية سلام دارفور منذ أربعة أشهر خلت -حتى وإن كانت بين فصيلين فقط من الفصائل المتحاربة- يتم إطفاؤه الآن بسبب القتال المتجدد بين الفصائل وما قامت به الحكومة السودانية -وبالمخالفة للاتفاقية- بإرسالها الآلاف من الجنود إلى دارفور، واستئناف عمليات القصف التي كانت تقوم بها من قبل. وإنني لأشجب هذا التصعيد بقوة، وأقول للحكومة السودانية إنها يجب أن توقف هجومها فوراً، كما يجب على جميع الأطراف تنفيذ ما وعدت به، والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي. لقد جلبت الصدامات الأخيرة المزيد من التعاسة لشعب دارفور الذي تحمل بالفعل ما يفوق قدرته على الاحتمال بما لا يقاس. إن عدد الأشخاص الذين أبعدوا عن ديارهم يصل الآن إلى 1,9 مليون شخص، كما أن هناك 3 ملايين شخص يعتمدون على المساعدة الدولية من أجل الحصول على الطعام والغذاء والعلاج الطبي، علاوة على أن موظفي الإغاثة قد أصبحوا وبشكل متزايد هدفاً للعنف إلى درجة أن 12 منهم قد لقوا حتفهم خلال الشهرين الماضيين فقط. منذ عام مضى، اتفق زعماء العالم على أن جميع الدول يجب أن تتحمل مسؤولياتها عن حماية سكانها من عمليات الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد البشرية. والحكومة السودانية إذا ما فشلت في تحمل هذه المسؤولية، فإنها ستواجه انتقادات في مختلف أنحاء العالم. ويجب على هؤلاء الذين يقررون مثل هذه السياسات أو الذين يقومون بتنفيذها ألا يتخيلوا أنهم سيكونون بمنأى عن المحاسبة. مرة أخرى أحث السودان على تجنب ذلك، من خلال قبول قرار مجلس الأمن الدولي الذي يقضي بنشر قوات للقيام بعملية لحفظ السلام، أكثر تجهيزاً وأفضل تمويلاً من القوات التي تضطلع بتنفيذ مهمة الاتحاد الأفريقي الحالية، علاوة على أنه سيكون لديها تفويض أكثر وضوحاً بحماية هؤلاء المعرضين للخطر. هناك في الوقت الراهن قرابة 10 آلاف جندي تابعون للأمم المتحدة وموجودون بالفعل في السودان. وكانت هذه القوات على مدار ما يزيد على عام تقوم بتقديم يد المساعدة في تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين شمال السودان وجنوبه. وفي الحادي والثلاثين من شهر أغسطس الماضي، وفي الوقت نفسه الذي أعاد فيه مجلس الأمن الدولي تأكيده بالالتزام بسيادة السودان ووحدته، واستقلاله وتكامل ترابه الوطني أصدر تفويضاً بنشر عدد من القوات يصل إلى 17,300 جندي إضافي في دارفور لتنفيذ اتفاقية السلام، دون أي أجندة خفية، وبشكل لا ينطوي على أي طموح، سوى ذلك المتعلق بمساعدة شعب دارفور على العيش بسلام وكرامة، غير أن حكومة السودان رفضته مع ذلك. ونظراً لأن نشر هذه القوات سيستغرق وقتاً، فإن مجلس الأمن الدولي دعا إلى تعزيز مهمة الاتحاد الأفريقي في السودان حتى تواصل تنفيذ المهام المنوطة بها حتى وصول القوات الأممية. وكان الأفارقة قد طالبوا مراراً وتكراراً بمثل هذه الفترة الانتقالية، ولكنهم يقولون في الوقت نفسه إن قواتهم التي أدت المطلوب منها بشجاعة في ظروف بالغة الصعوبة بحاجة إلى المساعدة. وقد وافقت الأمم المتحدة على دعم مهمة الاتحاد الأفريقي خلال المرحلة الانتقالية الحرجة، ولكن تلك القوات ستحتاج إلى المزيد من دعم المانحين بما فيهم جامعة الدول العربية التي قدمت مساندة حيوية وتريد من قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في السودان أن تظل في مكانها حتى نهاية العام. لقد حاولت مراراً وتكراراً أن أشرح مغزى هذه المرحلة الانتقالية لحكومة السودان، كما حاولت إزالة أي سوء إدراك، وحاولت بكافة الوسائل العلنية وغير العلنية أن أؤكد على النواحي الإنسانية للوضع، كما ناشدت الحكومة السودانية من أجل الاسترشاد بحسها البراجماتي السليم في هذا الموضوع. ولكن صوتي وحده لا يكفي وهو ما يدفعني لأن أطلب من أي أحد -سواء في أفريقيا أو خارجها- يجد نفسه في موضع يسمح له بالتأثير على حكومة السودان، أن يقوم بذلك بدون إبطاء. وعلى مجلس الأمن، وعلى وجه الخصوص الدول دائمة العضوية، مسؤولية خاصة في ضمان أن تكون الرسالة الموجهة للحكومة السودانية رسالة قوية وواضحة ومتسقة. ولكنَّ كل صوت يرتفع إلى جانب ذلك سيكون له تأثير وهو ما يجعلني أقول إن المسؤولية مشتركة بيننا جميعاً، وأدعو الجميع لأن يضموا أصواتهم لصوتي في مطالبة حكومة السودان بتبني روح قرار مجلس الأمن والموافقة على الفترة الانتقالية ومتابعة العملية السياسية بطاقات متجددة. ليس هناك حل عسكري للأزمة في دارفور، ويجب أن تكون جميع الأطراف قد أدركت ذلك الآن بعد كل هذا الخراب والدمار والموت، وأن تدرك أيضاً أن الاتفاقية السياسية التي ينخرط فيها كل أصحاب المصلحة، وبشكل كامل، هي وحدها الكفيلة بإقرار السلام الحقيقي في المنطقة. منذ اثنى عشر عاماً خذلت الأمم المتحدة والعالم كله شعب رواندا... فهل يسمح ضميرنا لنا اليوم بأن نتنحى جانباً ونشاهد مأساة دارفور وهي تزداد تفاقماً أمامنا؟ كوفي أنان السكرتير العام للأمم المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس وواشنطن بوست"