وصلت العلاقات الأميركية- الروسية إلى مستوى متدن جديد، وكان نائب الرئيس الأميركي "ديك تشيني" من ضمن المسؤولين الذين ساهموا في ذلك؛ في الخامس من شهر مايو الجاري، وفي مؤتمر صحفي للدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي عقد في مدينة "فيلنيوس" بجمهورية "ليتوانيا" المطلة على بحر البلطيق، ألقى نائب الرئيس الأميركي كلمة شجب فيها بعبارات حادة نظام الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" لتراجعه -كما قال- عن الإصلاحات الديمقراطية التي كان قد وعد بها، ولمحاولته استخدام الطاقة كأداة لابتزاز الدول المجاورة له خصوصاً على ضوء أزمة البرنامج النووي الإيراني والارتفاع المتزايد في أسعار النفط. وبعد ذلك التاريخ بأسبوع تسربت أنباء عن اجتماع لم يتم الإعلان عنه في حينه عقدته وزيرة الخارجية الأميركية "كوندوليزا رايس" على العشاء في أحد فنادق نيويورك، مع ممثلي الدول التي تحاول الوصول إلى صياغة للسياسة، التي ينبغي اتباعها في التعامل مع إيران، وبالذات فيما يتعلق بطموحاتها النووية. وفي هذا الاجتماع وجدت وزيرة الخارجية الأميركية أن وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" لم يكن متعاوناً بالمرة حول هذا الموضوع. ففي هذا الاجتماع العاصف الذي تواصلت فعاليته حتى ساعة متأخرة من الليل اتهم وزير الخارجية الروسي -كما جاء في الأنباء- الولايات المتحدة الأميركية بأنها تحاول دائماً، تقويض الجهود المستمرة التي تبذلها دول الاتحاد الأوروبي وعلى وجه الخصوص بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من أجل التوصل لحل للأزمة الإيرانية. وحسب التفاصيل التي تسربت حول هذا الاجتماع، فإن الأعصاب فيه كانت مشدودة إلى درجة أن وزيرة الخارجية الأميركية خرجت عن طورها عند نقطة معينة منه وقالت: "إن هذا الاجتماع لن يوصلنا إلى أي شيء". لم تكن انتقادات ديك تشيني ولا انفعال كوندوليزا رايس في المؤتمر المشار إليه هي فقط العلامات الوحيدة على وجود توتر زائد، بل وعداوة بين موسكو وواشنطن. فهناك إلى جانب ذلك ما يصفه المراقبون بالمماطلة الروسية المتعمَّدة بشأن اعتماد صفقة تطوير الغاز العملاقة في المنطقة القطبية، والتي كان مخططاً أن تسهم في إمداد السوق الأميركي بهذه المادة. وما لم يتم اتخاذ إجراءات للتخفيف من درجة هذا التوتر، فإن قمة الدول الثماني العظمى، التي ستعقد كما هو مقرر في منتصف شهر يوليو المقبل في مدينة سان بطرسبرج الروسية، والتي سيحتل فيها الرئيس بوتين مقعد القيادة للمرة الأولى، يمكن أن تتعرض لمشكلات. ليس من المتوقع بالطبع أن تقوم إدارة جورج بوش بإلغاء هذا الاجتماع، وإن كان من الأمور اللافتة للنظر أنه لم يتم حتى الآن تحديد تاريخ معين للاجتماع، بل إن كل ما يقال في هذا الشأن هو أن القمة يتوقع عقدها يومي الخامس عشر والسادس عشر من يوليو المقبل. ولقد دفعت مظاهر التوتر المتزايدة في العلاقات الأميركية- الروسية بعض أعضاء الكونجرس الأميركي وعلى وجه الخصوص السيناتور "جون ماكين" عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية أريزونا إلى الدعوة لمقاطعة بلاده لقمة الدول الثماني العظمى، وهو ما يقول كثير من المحللين إنه أمر من غير المرجح حدوثه. ولكن الأمر المرجح حدوثه مع ذلك هو أن تتراشق الدولتان خلال القمة بالتصريحات الحادة حول الملف الإيراني، وملف الشيشان، والحقوق الديمقراطية. أما غير المتوقع حدوثه فهو عقد تلك الاجتماعات الجانبية الحميمة بين الجلسات الرسمية للمؤتمر على النحو الذي يحدث عادة في مثل هذه المناسبات. ــــــــــــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"