تساؤلات منطقية عديدة، وعلامات استفهام حائرة يثيرها اختطاف الدبلوماسي المصري في قطاع غزة·· تساؤلات حول التوقيت، حول الهدف، وحول جهة التنفيذ ودوافعها·
وأول المؤشرات المهمة التي تستحق التأمل هو أن هذا الحادث هو الثاني خلال أيام قليلة، الذي يستهدف العلاقات المصرية الفلسطينية، بعد حادث مقتل جنديين مصريين في رفح جنوب قطاع غزة على الحدود المصرية الفلسطينية، وفي الحالتين اندلعت المظاهرات المنددة والمؤكدة للتضامن مع مصر·
وثاني المؤشرات المهمة يتعلق بالتوقيت، وفي حالة اختطاف الدبلوماسي المصري فقد تزامن الاختطاف مع جهود مصرية حثيثة للمساعدة على تجاوز تداعيات ما أصبح يعرف بـ ''مأزق الديمقراطية''، فالتجربة الديمقراطية التي أشاد العالم بكل تفاصيلها أسفرت عن فوز مؤثر لحركة ''حماس'' لنجد أنفسنا أمام رؤية غير مسبوقة في التعامل مع الانتخابات التشريعية في أي مكان في العالم، ترحيب كامل بالممارسة بكل تفاصيلها، وتحفظات تصل إلى حد الرفض الصريح من قبل بعض الدول للنتائج·
فوز ''حماس'' استدعى موقفا أوروبيا غير مؤيد، وموقفا أميركيا يرفض بشكل قاطع التعامل مع ''الفائز'' ما لم يغير مواقفه الرافضة للسلام والمنكرة لدولة إسرائيل، وموقفا إسرائيليا يصر على استبعاد ''حماس'' من مفاوضات السلام بل ويهدد بضغوط اقتصادية موجعة·· في ظل كل هذه المعطيات المثيرة للقلق لأسباب عديدة أهمها الأسباب الاقتصادية، تأتي عملية اختطاف الدبلوماسي المصري في محاولة واضحة لإعاقة الجهود الفلسطينية المصرية المشتركة للتعامل مع الموقف الحالي بالطرق التي تحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه وسيادته· التوقيت إذن يثير علامة استفهام حائرة·
والمؤشر الثالث يقودنا إلى تساؤل مشروع عن هوية من يقوم بمثل هذه العمليات الإجرامية غير المسؤولة والتي لا يمكن أن تحقق أي مكسب للقضية الفلسطينية، والتي تؤدي فقط إلى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني، ففي تظاهرة استنكار للحادث نظمتها حركة ''حماس'' وشارك فيها آلاف الفلسطينيين الذين يمثلون كل ألوان الطيف السياسي والأهم من ذلك يمثلون كل الشعب الفلسطيني ويحملون همومه وأحلامه، انطلقت صيحات التنديد على ألسنة عدد كبير من قادة المنظمات الفلسطينية تصف مرتكبي الحادث بـ''الفئة المارقة''، وما حدث بالفعلة الشنيعة، فيما اعتبرت لجنة المتابعة العليا للفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية عملية الخطف ''تصرفا غير مسؤول لا يخدم إلا أعداء الشعب الفلسطيني''·
كلهم أدانوا ورفضوا واستنكروا، رسميا وشعبيا، فمن قام بهذه الجريمة ولماذا، وما هي أهدافه؟·· هذه هي التساؤلات التي يجب أن تتضافر جهود كل الفلسطينيين للبحث عن إجاباتها، لأنها بالتأكيد ستضع أيديهم على أعدائهم بالداخل·