ستمثِّل الانتخاباتُ الرئاسية الأميركية أحد الأحداث الرئيسية في هذا المشهد العالمي. فبانسحابه من السباق الانتخابي، أعاد جو بايدن إطلاق المنافسة من جديد، ذلك أن الإبقاء عليه كان سيعني فوزاً مؤكداً لدونالد ترامب. وإذا كان فوز كامالا هاريس ليس مضموناً بعد، فإن الانتخابات باتت الآن مفتوحة أكثر من ذي قبل. وإذا كانت هذه الانتخابات مهمة بالنسبة للولايات المتحدة، فإنها مهمة أيضاً بالنسبة للعالم. وفي حال انتُخبت كامالا هاريس، فإنها ستستمر عموماً في سياسة جو بايدن الخارجية، بما في ذلك ما يتعلق بالحرب في غزة. وعلى الجبهة الأوكرانية، من المرجح أن تنتهج إدارةٌ «ديمقراطية» جديدة في الولايات المتحدة سياسةً يمكن وصفها بالانخراط الحذر مع أوكرانيا، حتى وإن بدا أن مساعدتها أضحت مكلِّفة بشكل متزايد. 
وعلى النقيض من ذلك، من المرجح أن يتراجع دونالد ترامب عن هذا الدعم الأميركي لأوكرانيا، حيث أعلن المرشح «الجمهوري» عن نيته تسوية هذا النزاع في غضون 24 ساعة، عبر وقف أي مساعدة لأوكرانيا. وبالتالي، فإذا عاد ترامب إلى المكتب البيضاوي، يمكننا أن نتوقع هجمات جديدة على النظام الدولي متعدد الأطراف الذي يوجد اليوم في حالة سيئة أصلاً. كما يمكننا توقع علاقات معقدة للغاية مع حلفاء الولايات المتحدة، الذين سيُطالبهم ترامب بالتزام مالي أكبر. 
ولكن أياً تكن النتيجة في انتخابات 5 نوفمبر، فإن الولايات المتحدة ستشهد على الأرجح حالة من التأزم والانقسام: ذلك أنه إذا فاز دونالد ترامب، فإن هذا الوضع سيتفاقم، أما إذا خسر، فإن احتجاجات عنيفة قد تندلع على غرار ما حدث في 2021. أما في ما يتعلق بالصراعين الرئيسيين، فإنه لا تلوح في الأفق أي مؤشرات على تسوية دائمة وشيكة. فأوكرانيا تقوم بتوغل غير مسبوق في الأراضي الروسية، ولكنها في الوقت نفسه تتكبد خسائر إقليمية في دونباس. فهل ستكون المفاوضات ممكنة في ظل هذا الوضع؟ 
على كل حال، الأمر المؤكد هو أن التوفيق بين الموقفين الروسي والأوكراني متعذر في الوقت الراهن. إذ ما زال فولوديمير زيلينسكي يطالب روسيا بإعادة جميع الأراضي التي احتلتها منذ 2022، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي احتلتها في 2014، وبمحاكمة فلاديمير بوتين وبدفع روسيا تعويضات عن الأضرار الناجمة عن الحرب. وهو هدف صعب وخاصة أن العامل الديمغرافي يظل لصالح روسيا التي يعادل عدد سكانها 4 إلى 5 أضعاف عدد سكان أوكرانيا. هذا علما بأنه ليس هناك أي إمكانية، سواء في واشنطن أو برلين أو أي مكان آخر في الغرب، لإرسال قوات إلى أوكرانيا. ولهذا يظل الوضع في غير صالح أوكرانيا. 
وفي غزة، يواجه بنيامين نتنياهو معارضة واحتجاجات متزايدة. غير أنه حتى في حال أُجبر على التخلي عن السلطة بسبب هذه التعبئة، فإن أي منظور طويل الأمد للحرب لم يتضح بعد. وهناك رهانان رئيسيان يتعلقان بغزة: رهان التوصل إلى وقف سريع لإطلاق النار، ثم الرهان المتعلق بمستقبل القطاع على المدى الطويل. ذلك أن غزة دُمرت بالكامل، ولا يوجد في الأفق أي إمكانية لاستشراف ما يمكن أن تكون عليه غزة أو فلسطين في نهاية هذه الحرب.
 فغزة اليوم غير صالحة للعيش ومدمَّرة تماماً. ثم إننا لا نعلم ما إن كانت المعارضة الإسرائيلية لبنيامين نتنياهو معادية أيضاً لإقامة دولة فلسطينية. وعلاوة على ذلك، فإن هذا الصراع له تداعيات كبيرة على نظرة حلفاء إسرائيل في «الجنوب العالمي»، الذين باتوا يعبّرون بشكل متزايد عن دعمهم لفلسطين. والسلطة الفلسطينية، التي يعوِّل عليها الغرب، لم تعد تتمتع بأي شرعية. غير أنه إذا كان هذان النزاعان يحتلان الصدارة على الساحة الدولية، فإن هناك العديد من النزاعات الأخرى المنسية. ففي السودان، على سبيل المثال، أدت الحرب التي تمزِّق البلاد إلى مقتل 150 ألف شخص وتشريد (100 مليون شخص). وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، أدت توغلات دول أجنبية في هذا البلد إلى تشريد الملايين وقتل الآلاف.
 وفي هاييتي، تستمر المخاوف بشأن مستقبل البلاد حيث تتصارع العصابات الإجرامية. كما تتزايد أعمال العنف الإجرامي في أميركا الوسطى حيث تخلِّف عدداً كبيراً من القتلى. وفي الأثناء، يظل السؤال المرتبط بكيفية تطور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في الواجهة. والجدير بالذكر هنا أن نقطة الاتفاق الوحيدة بين كامالا هاريس ودونالد ترامب هي اعتبار التحدي الذي تطرحه الصين بالنسبة للتفوق الأميركي تحدياً كبيراً. أما على الجانب الأوروبي، فإن وضع الدولتين اللتين تقودان الاتحاد الأوروبي، فرنسا وألمانيا، يبعث على القلق، نظراً لأن كليهما تعانيان من أزمات سياسية داخلية عميقة، مما يؤثِّر على دبلوماسيتهما ومكانتهما على الساحة العالمية والأوروبية.