لطالما حافظت دولة الإمارات العربية المتحدة على موقف متقدم فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، جوهره الالتزام الكامل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقاً لمقررات الشرعية الدولية في هذا السياق، وقد أكدت دولة الإمارات على هذا الموقف أكثر من مرة، ومن ذلك التصريح الذي أدلى به سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية قبل أيام، حيث أكد سموه أن «الإمارات غير مستعدة لدعم اليوم التالي من الحرب في غزة دون قيام دولة فلسطينية»، وهو ما جاء في منشور لسموه بمنصة «إكس».
تاريخياً، كانت دولة الإمارات مناصِرة صريحة وعلى الدوام للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، ودعمت باستمرار حل الدولتين كوسيلة لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني الطويل الأمد. ويستند التزام الإمارات في هذا الصدد إلى إيمان راسخ بهذه الحقوق والاعتراف بتطلعات الشعب الفلسطيني إلى تقرير المصير. وقد استخدمت الإمارات قنوات دبلوماسية مختلفة، بما في ذلك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، للتعبير عن التضامن الدائم مع الفلسطينيين والدفع بحقوقهم على الساحة الدولية.
في مايو الماضي استنكر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن دعوة دولة الإمارات للمشاركة في إدارة مدنية لقطاع غزة القابع تحت الاحتلال الإسرائيلي. وقال سموه في حينه، إن نتنياهو لا يتمتع بأي صفة شرعية تخوله اتخاذ هذه الخطوة، كما ترفض دولة الإمارات الانجرار خلف أي مخطط يرمي إلى توفير الغطاء للوجود الإسرائيلي في قطاع غزة. ‏
ومما لا شك فيه أن تأكيد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية على أن دولة الإمارات العربية المتحدة لن تدعم أي خطط في اليوم التالي للحرب على قطاع غزة حتى تقر إسرائيل بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، يعكس التزاماً واضحاً وراسخًا في سياسة الإمارات فيما يخص الضرورة الحاسمة للحل العادل والمستدام للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي يمثل الركيزة الأساسية لتحقيق الاستقرار المنشود في منطقة الشرق الأوسط.
إن موقف دولة الإمارات العربية المتحدة مهم استراتيجياً، من خلال رفض دعم ترتيبات ما بعد الصراع دون تنازلات إسرائيلية مسبقة بشأن الدولة الفلسطينية، حيث تؤكد الإمارات التزامها بسياسة خارجية مبدئية تعطي الأولوية للحقوق الفلسطينية. ويتماشى هذا الموقف مع القانون الدولي، حيث يعد رفض الإمارات دعم الخطط الإسرائيلية دون التزامات إسرائيلية واضحة متسقاً مع المعايير الدولية وقرارات الأمم المتحدة التي تدعو إلى تلبية حقوق الفلسطينيين. ويعزز هذا الموقف المبدئي مصداقية الإمارات على الساحة العالمية وبين حلفائها.
وفي حين أن التزام دولة الإمارات بالدولة الفلسطينية أمر جدير بالثناء، فإنه يواجه تحديات كبيرة، فسياسات الحكومة الإسرائيلية، وخاصة فيما يتعلق بتوسيع المستوطنات والمطالبات الإقليمية، تعقّد احتمالات قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. وعلاوة على ذلك، فإن المصالح الجيوسياسية للدول الأخرى، وخاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، غالباً ما تؤثر على ديناميكيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأحياناً تهمش التطلعات الفلسطينية، الأمر الذي تعمل السياسة الخارجية الإماراتية على التخفيف من تبعاته.
ختاماً، يؤكد موقف دولة الإمارات، الذي عبر عنه سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، على التزامها الراسخ بدعم القضية الفلسطينية، ولا يعكس هذا الموقف التزاماً راسخاً بالعدالة وحقوق الشعب الفلسطيني فحسب، بل يضع الإمارات أيضاً كلاعب رئيسي في مساعي تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط. وعلى الرغم من استمرار تغير المشهد الجيوسياسي في المنطقة، يظل التركيز الثابت للإمارات على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية عنصراً حاسماً في الخطاب الأوسع حول الاستقرار والتعاون والعدالة في العالم العربي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية