في إطار الحقيقة الراسخة التي تؤكد أن الدول الناجحة هي تلك التي يتولى زمام الأمور فيها ويديرها قادة متميزون، تولي دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية كبيرة لبناء جيل جديد من المواهب والقادة المتميزين المؤهلين لقيادة المستقبل على النحو الذي وضعت أولوياته قيادتنا الرشيدة، والتي تطمح إلى جعل الإمارات الدولة رقم واحد في العالم في المجالات كافة مع حلول مئوية تأسيسها عام 2071.
وتُعد شخصية القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الاتحاد، نموذجاً رائداً للقيادة الملهمة، التي استطاعت تحقيق طموحات المواطنين وتطلعاتهم، ومن خلال إدارته الرشيدة للدولة، التي أصبحت المرجع الرئيسي لقيادة الدولة من بعده، استطاع الشيخ زايد، رحمه الله، أن يضع قواعد مستقبل زاهر للأجيال المتعاقبة، وسوف تظل المبادئ التي أرساها الشيخ زايد في إدارة دولة الاتحاد كفيلة باستمرار تميز الإمارات في رعاية مواطنيها وتحقيق المزيد من الإنجازات.
ويؤكد التراث الفكري والتاريخي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أن القيادة ليست مجرد منصب، بل هي مهمة تحتاج إلى تفانٍ ورؤية استراتيجية لتلبية تطلعات المواطنين، وتحقيق التنمية المستدامة، مع ضرورة توافر العدالة والتوازن، بحيث يتم توجيه الجهود وتحقيق التقدم بطريقة تشمل الجميع دون استثناء.
وسيراً على نهج القائد المؤسس، تولي قيادتنا الرشيدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أهمية قصوى لإعداد القادة، بهدف صناعة المستقبل المشرق لدولتنا، على وعي عميق وأسس سليمة، حيث تعطي أولوية استثنائية لإعداد قيادات وطنية قادرة على قيادة البلاد في المجالات كافة، من خلال تطوير الكفاءات، وتفعيل دور الشباب، عبر تزويدهم بالمعرفة اللازمة.
ومن أهم المبادرات والبرامج التي أطلقتها دولة الإمارات لبناء القادة، كان اعتماد مجلس الوزراء نموذج الإمارات للقيادة الحكومية، الذي يقوم على 3 محاور تتمثل في: الروح القيادية، والنظرة المستقبلية، والإنجاز والتأثير. مما يعزز جهود الحكومة لمواكبة التوجهات العالمية في العمل الحكومي واستباق المتغيرات المستقبلية.
وفي هذا السياق، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إن «رحلة دولة الإمارات إلى المستقبل تتطلب عملية تطوير متواصلة تركز على الإنسان الإماراتي، تبني قدراته، وترتقي بخبراته وأدائه، وتمكنه من الأدوات الكفيلة بمساعدته على مواجهة التحديات المقبلة».
ولعل تأسيس «مركز محمد بن راشد لإعداد القادة»، الذي مرَّ على تأسيسه 20 عاماً، خير مثال على اهتمام دولة الإمارات منذ وقت مبكر ببناء كوادر وطنية قادرة على إحداث طفرة فارقة في حاضر الوطن ومستقبله، فقد أصبح المركز منصة ملهمة في المنطقة لكيفية بناء قادة المستقبل، وتطوير قدراتهم ومهاراتهم القيادية، للاستجابة للاستحقاقات التنموية، واتخاذ القرار، والتعامل المبتكر مع التحديات.
وتشير الإحصائيات إلى أن المركز خرّج خلال 20 عاماً أكثر من 850 قيادياً إماراتياً في مختلف القطاعات والتخصصات، وذلك عبر دورات تدريبية قيادية بالتعاون مع 300 خبير قيادي محلي وعالمي، و55 جامعة عالمية. مما وفر العديد من قيادات الصف الأول الموجودة حالياً في الكثير من القطاعات الحيوية في المؤسسات الحكومية والخاصة، وهذه القيادات لها دور كبير في دعم عملية التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة، في مجالات متعددة، من خلال رسم الخطط والاستراتيجيات ووضع آليات التنفيذ وبناء فرق العمل وتأهيل الكوادر المؤسسية، وإيجاد حلول جديدة ومبتكرة لمختلف أنواع التحديات.
إن الجهود التي تبذلها دولة الإمارات لإعداد القادة، تندرج ضمن جهودها الخاصة بالاستثمار في الإنسان، الذي يُعد الهدف الأساسي لعملية التنمية وهو أداتها في الوقت نفسه، ومما لا شك فيه أن تحقيق تطلعاتنا الوطنية الكبرى يتطلب بالضرورة تعميق مسيرتنا التنموية وتحقيق المزيد من القفزات النوعية في هذه المسيرة، ليكون ختامها أن تصبح الإمارات الدولة الأفضل على مستوى العالم، وفقًا لأهداف مئوية الإمارات 2071.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية