تندرج الزيارة التي قام بها معالي عبد الله علي اليحيا وزير خارجية دولة الكويت الشقيقة لدولة الإمارات قبل أيام، في سياق العلاقات الأخوية بين الدولتين، والتي تعد ركيزة أساسية للأمن الإقليمي في منطقة الخليج العربي.
فعبر العلاقات المتميزة بين الدولتين، ومن خلال مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تقوم دولة الإمارات ودولة الكويت بدور فاعل في تعزيز منظومة العمل الخليجي المشترك، في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة والعالم، بما يحقق المصالح المشتركة لدول المجلس وشعوبها، ويسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين.
وفي الواقع، فإن للعلاقات بين دولة الإمارات ودولة الكويت طابعها الخاص، وتعمل الدولتان بشكل مستمر على تطويرها ودعمها على الأصعدة كافة، لتشمل التعاون السياسي، والتعاون الاقتصادي، والتعاون في المجالين العسكري والأمني، فضلاً عن التعاون في المجال الثقافي والتعليمي، ما أسفر عن عشرات من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم بين الدولتين.
والحاصل أن لدى الإمارات والكويت علاقات أخوية وروابط اجتماعية ممتدة، فقد كانت الكويت من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الإمارات بعد قيام الاتحاد عام 1971، وقد تم افتتاح سفارة الدولة لدى الكويت عام 1972، وتم افتتاح سفارة دولة الكويت في أبوظبي في العام نفسه، ويتشارك الطرفان رؤية مشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة، ويؤديان دوراً فاعلاً لتشجيع الحوار الدبلوماسي، حيث تدعو الإمارات والكويت إلى إيجاد سبل دبلوماسية لحل النزاعات الإقليمية، والحفاظ على موقف ينسجم مع القوانين الدولية، كما تلعب الإمارات والكويت دوراً فعالاً في دعم الحلول السلمية للصراعات الراهنة في المنطقة، بالتعاون مع المجتمعين الإقليمي والدولي.
إلى جانب ذلك، تشهد علاقات التعاون الاقتصادي بين الإمارات والكويت المزيد من التطوير المتواصل، وقد بلغت قيمة التدفقات التجارية غير النفطية بين الدولتين نحو 12.2 مليار درهم خلال الربع الأول من العام 2024، بنسبة نمو 2.13% عن الربع الأول من 2023 وذلك بحسب البيانات الأولية، وفي عام 2023، سجلت قيمة التبادل التجاري بين الدولتين 45 مليار درهم، بنمو بنسبة 2% مقارنة مع 2022، و16% مقارنة مع 2021، كما زادت الواردات الإماراتية من الكويت بنسبة 24% خلال 2023 مقارنة مع 2022، وسجلت عمليات إعادة التصدير نمواً بنسبة 7% خلال العام نفسه.
وكمؤشر على قوة العلاقات الاقتصادية بين الدولتين، تأتي الكويت في المرتبة الثانية عشرة بين أهم الشركاء التجاريين حول العالم لدولة الإمارات، كما أنها تأتي في المركز العاشر بين أهم الدول المستقبلة للصادرات الإماراتية، وفي المرتبة السادسة عالمياً في استقبال عمليات إعادة التصدير من الإمارات، فيما تعد الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للكويت حول العالم بعد الصين، وهي الأولى عربياً وخليجياً، كما تحل الإمارات في المرتبة الأولى عالميًا كأكبر مستقبل لصادرات الكويت غير النفطية، مستحوذة وحدها على 22% من الصادرات الكويتية إلى العالم، وفي الوقت نفسه تأتي الإمارات في المركز الثالث لأهم أسواق الواردات الكويتية بعد الصين والولايات المتحدة.
وخلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الكويتي لدولة الإمارات، تم عقد الدورة الخامسة من اللجنة العليا المشتركة بين الدولتين، وتم توقيع ثماني مذكرات تفاهم تتعلق بتطوير التعاون المشترك في مجالات عدة من أهمها: البنية التحتية، والاتصالات وتقنية المعلومات، وبرنامج تربوي بين حكومة دولة الإمارات وحكومة دولة الكويت 2024-2027، والمجال الرياضي، وتحديات الأمن السيبراني، ومذكرة تفاهم بشأن المجالات الدفاعية، ويؤكد الجانبان بتلك التفاهمات على استمرارية تبادل الرؤى بشأن القضايا التي تدعم تطوير الشراكة الاستراتيجية، والتحديات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، وحول مستجدات منطقة الخليج.
وهكذا، فإن الزيارة التي قام بها وزير خارجية دولة الكويت الشقيقة، تؤكد خصوصية العلاقات الإماراتية - الكويتية، وحرص الدولتين على تطويرها بشكل مستمر، ومما لا شك فيه أن مخرجات هذه الزيارة تمثل دفعة جديدة لمزيد من تطوير العلاقات الثنائية، بما يخدم المستهدفات المشتركة، وينعكس إيجابياً على العمل الخليجي المشترك، ويقدم رؤية لسبل مواجهة التحديات الإقليمية، ويحافظ على تفاهمات بشأن التحولات في النظام الدولي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية