إن المهاجرين الذين يرغبون في القدوم إلى أميركا، بحثاً عن حياة أفضل، يستحقون فرصة عادلة. خلال المؤتمر الوطني للحزب «الجمهوري»، حاول المتحدثون مراراً وتكراراً إبراز الفرق بين طالبي اللجوء الذين عبروا الحدود الجنوبية في السنوات الأخيرة والمهاجرين الذين دخلوا البلاد عبر قنوات أخرى. وكما قال «فيفيك راماسوامي» (رائد أعمال أميركي)، فإن المهاجرين الشرعيين مثل والديه «يستحقون فرصة تأمين حياة أفضل لأطفالهم في أميركا». ويستحق آخرون الترحيل، «لأنهم خالفوا القانون».
يحب القادة المنتخبون استحضار رواية، مفادها أن هناك طريقة سهلة «صحيحة» وأخرى صعبة «خاطئة» للهجرة إلى الولايات المتحدة، لأن هذا يجعل الحل لإصلاح نظام الهجرة المعطوب يبدو بسيطاً. نحن بحاجة فقط إلى المزيد من الأشخاص الملتزمين بالقانون للانضمام إلى الصف الصحيح.
ولكن الواقع الواضح للغاية للمهاجرين الذين يتنقلون عبر نظامنا المعقد، والمحامين والمدافعين الذين يحاولون مساعدتهم، هو أنه لا يوجد صف يجب على الغالبية العظمى من الناس الذين يرغبون في القدوم إلى الولايات المتحدة الانضمام إليه. وإذا كانت الحكومة جادة بشأن تأمين الحدود، فيتعين علينا أن نسهّل على الناس القدوم من خلال القنوات القانونية.
إن نظام الهجرة القانونية لدينا ليس مصمماً لمكافأة الاختيارات «الجيدة»، فهو مليء بالقيود التعسفية والتأخيرات البيروقراطية والعمليات المكررة التي تستنزف سنوات من الجهد والمال من القلائل المؤهلين.
والنظام الحالي مصمم إلى حد كبير لصالح أولئك الذين لديهم روابط عائلية هنا: أي الأزواج والآباء والأبناء البالغين الذين هم مواطنون أميركيون وأزواج وأبناء المقيمين الدائمين الشرعيين.
قد يتمكن أولئك الذين ليس لديهم روابط عائلية وثيقة من التقدم بطلب للحصول على تأشيرات عمل، ولكن هذه تقتصر إلى حد كبير على أولئك الذين لديهم تعليم متخصص. كما يبلغ عدد هذه التأشيرات 140.000 سنوياً، وهو رقم يشمل أفراد أسرة العمال المكفولين.

هناك أيضاً برنامج التأشيرة بنظام القرعة، والمصمم لزيادة تنوع المهاجرين القادمين للعيش في الولايات المتحدة. ولكن في عام 2021 كان هناك 11.8 مليون متقدم يتنافسون على 55000 تأشيرة مخصصة عشوائياً، ثم هناك 125000 مكان متاح من خلال برنامج قبول اللاجئين. وبالنسبة للأشخاص الذين يسعون إلى الهجرة إلى أميركا للالتحاق بأفراد أسرهم من مواطني الولايات المتحدة الموجودين بالفعل هنا، فإن أوقات الانتظار عقابية لأن التأخيرات سخيفة.
يمكن لمعظم المواطنين الأميركيين الذين يتقدمون بطلبات لمّ شملهم مع أبنائهم البالغين أن يتوقعوا انتظاراً لمدة لا تقل عن تسع سنوات. ولكن بالنسبة لبعض الجنسيات، فإن الانتظار غير محتمل بشكل خاص: إذا تقدم شخص ما هذا العام لرعاية شقيق من المكسيك، فسينتظر في طابور لمدة تتراوح بين 40 و50 عاماً.

وقد ينتظر الأشخاص الذين عُرضت عليهم وظائف في الولايات المتحدة لمدة تصل إلى عامين، إن لم يكن أكثر، حتى تتم مراجعة أوراقهم والموافقة عليها. وبمجرد اكتمال هذه العملية، قد يواجه حتى المتقدمون الحاصلون على تعليم عالٍ تأخيرات في تأشيرات الهجرة تتراوح من عامين إلى أكثر من قرن من الزمان. ووفقاً لمركز السياسة الحزبية، هناك حوالي 7.6 مليون شخص تمت الموافقة عليهم أو ينتظرون الموافقة على منحهم البطاقة الخضراء ولكنهم لم يتلقوها بعد بسبب التأخيرات.
قد يحصل بعض الأشخاص على إذن مؤقت للعمل في الولايات المتحدة أثناء انتظارهم للحصول على التأشيرة، لكن الطلب كبير للغاية. لقد تم الاكتتاب على تأشيرة القرعة H-1B للعمال المهرة بشكل مفرط، لدرجة أن 470 ألف متقدم تنافسوا هذا العام على 85 ألف مكان فقط.
ومما يزيد من التأخيرات سياسات إدارة ترامب، والتي جعلت العملية المعقدة بالفعل أكثر تقييداً، ففي عهد الرئيس دونالد ترامب، رفضت الولايات المتحدة عدداً قياسياً من التأشيرات، وأوقفت الطلبات من خلال طلب المزيد من المستندات الشاقة، وحظرت مؤقتاً كل فئة تقريباً من الهجرة القانونية. وإذا تم انتخابه لفترة ولاية ثانية، فيمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من المواهب العالمية تُطرد من البلاد، وترك الطلاب والعمال في حالة من الغموض وفقدان تريليونات الدولارات من مكاسب الناتج المحلي الإجمالي بسبب تأخير إصدار البطاقات الخضراء.
إدارة بايدن ضاعفت القيود على الحدود مع فتح مسارات قانونية إضافية، وتحسين أوقات معالجة الطلبات والحد من التأخيرات في خدمات المواطنة والهجرة الأميركية ووزارة الخارجية، والعمل على استعادة جهود إعادة توطين اللاجئين.
لم يكن الأمر دائماً على هذا النحو. كانت حدود الولايات المتحدة مفتوحة نسبياً حتى عام 1917، مما يعني أن العديد من الناس أصبحوا أميركيين اليوم، ليس لأن أسلافهم اتبعوا أي إجراء بجدية، ولكن فقط لأنهم حضروا. حتى بعد تغيير هذا النظام، طوال القرن العشرين، كان الكونجرس والسلطة التنفيذية يدفعان بشكل روتيني من خلال العفو الذي سمح للناس بتنظيم وضعهم، وتم تعديل نظام الهجرة عند الحاجة. ولكن منذ عام 1990، ترك الكونجرس نظام الهجرة القانوني دون مساس تقريباً.

سواء كان الأمر للهروب من الاضطهاد، أو لمّ شمل الأسرة أو العمل، فإن المهاجرين الذين يرغبون في القدوم إلى الولايات المتحدة، بحثاً عن حياة أفضل، يستحقون فرصة عادلة. ويستحق الأميركيون نظام هجرة يعالج احتياجات العمالة للشركات الأميركية ويحافظ على حماية العمال.

من خلال بناء نظام أكثر عدالة يمنح الناس المزيد من الخيارات للقدوم من خلال القنوات القانونية، والمساهمة في مجتمعنا وتنمية اقتصادنا، فإننا نستفيد بشكل كبير. تُظهر الأبحاث أن زيادة الهجرة تساعد في تعزيز الأجور وخلق المزيد من الوظائف للعمال المولودين في الولايات المتحدة.

يتعين على أميركا توسيع المسارات القانونية للسماح لنا بالاستفادة الكاملة من المهارات والمواهب التي يجلبها المهاجرون، ومساعدتنا في استعادة النظام على الحدود من خلال تزويد الناس بخيارات أفضل من الاعتماد على مهربي البشر.
يتعين علينا أيضاً أن نستكشف السبل الكفيلة بإنشاء برامج جديدة وأكثر استدامة، بالشراكة مع حكومات الولايات، لتوفير الفرص للمهاجرين للقدوم للعيش والعمل في المناطق التي تعاني من احتياجات عمالية حادة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»