في حدث مثير آخر خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية التي لا تنتهي، أعلن الرئيس جو بايدن، يوم الأحد 21 يوليو الجاري، أنه لن يكون المرشح «الديمقراطي» للرئاسة في نوفمبر القادم.

وسرعان ما أيد نائبته، كامالا هاريس، خلفاً له في الترشح لخوض السباق الرئاسي. وفي غضون ساعات، أعقب هذا التأييد دعمٌ قوي لهاريس من القادة «الديمقراطيين» الرئيسيين، بمن فيهم عائلتا أوباما وكلينتون ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي والزعيمان الديمقراطيان الحاليان في الكونجرس، «حكيم جيفريز» و«تشاك شومر».. وكذلك النجم السينمائي البارز «جورج كلوني».

كانت التوترات داخل حملة بايدن تتصاعد منذ أسابيع بعد أداء بايدن الكارثي في ​​المناظرة أمام دونالد ترامب في يوم 27 يونيو الماضي. لكن حتى اللحظة الأخيرة، كان بايدن يصر علناً على بقائه في مضمار السباق. لقد شعر أن ظهورَه في الفعاليات التي تلت المناظرة أظهر أنه ما يزال قادراً على إدارة الحملة. وكان فخوراً على نحو خاص بتعامله مع التجمع الدولي الكبير في واشنطن العاصمة للاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حلف شمال الأطلسي (الناتو). لكن الضغوط على بايدن من أجل المغادرة استمرت في التصاعد داخل حزبه.

وأقنعت محاولة اغتيال دونالد ترامب، في 13 يوليو، خلال اجتماع في ولاية بنسلفانيا، وكذلك المؤتمر «الجمهوري» الناجح في ميلووكي، المزيدَ من الديمقراطيين بأن بايدن لا يستطيع الفوزَ بإعادة انتخابه. وفي 17 يوليو، أُعلِن أن بايدن أصيب بفيروس «كوفيد-19» وأنه عاد إلى منزله في ريهوبوث بولاية ديلاوير للتعافي.

وأفادت التقارير بأنه خلال فترة النقاهة هذه، تلقى بايدن نتائج بعض استطلاعات الرأي القاتمة للغاية، والتي تشير إلى أنه يتخلف عن ترامب في الولايات الحاسمة الرئيسية. إن قرار بايدن الأخير يغير بشكل جذري ديناميكيات السباق وتضع ترامب في موقف صعب.

فقد بنى فريقُ ترامب حملتَه حول ضعف بايدن، بالنظر إلى عمره وزلات لسانه المتكررة. ويعتقد البعض أن ترامب كان واثقاً جداً من النصر لدرجة أنه اختار «جيه دي فانس» نائباً له بغية تعزيز شعبية «الجمهوريين» مع قاعدة الطبقة العاملة البيضاء وللمساعدة في تعزيز انتصار ساحق قد يعني الفوزَ بالبيت الأبيض ومجلسَي الشيوخ والنواب.

وهذا مِن شأنه أن يمنح الإدارة الجديدة السلطةَ للشروع في تغييرات جذرية في النظام السياسي الأميركي. لكن الآن كان على هذه الحسابات أن تتكيف بشكل جذري مع الواقع الجديد، وسيكون ترامب هو الرجل الأكبر سناً في السباق، وستصبح أخطاؤه وصحته أهدافاً رئيسيةً للحملة «الديمقراطية».

وإذا اختارت هاريس، كما هو متوقع، رجلاً أبيض محترماً ليكون نائباً لها، فلن يعد من الممكن افتراض تقدم ترامب في استطلاعات الرأي. وتشمل الأسماء المحتملة لشغل هذا المنصب رائدَ الفضاء والطيار المقاتل السابق، السيناتور «مارك كيلي» (من ولاية أريزونا)، والحاكم «جوش شابيرو» (من ولاية بنسلفانيا)، والحاكم «آندي بشير» (من ولاية كنتاكي). كل رجل من هؤلاء يجلب مؤهلاتٍ مهمةً إلى تذكرة الانتخابات. ويأتي كيلي وشابيرو من ولايات تشكل ساحةً للمعركة. وقد فاز «بشير» في انتخابات صعبة في ولاية حمراء (جمهورية) صعبة أيضاً، وهو يحظى بإعجاب العديد من الجمهوريين.

وهناك عدة أسماء أخرى يتم يتداولها الآن.. لذا يتعين على الديمقراطيين التدقيق في كل شيء بعناية، وفي غضون وقت قصير للغاية. إذ أن المؤتمر «الديمقراطي» في شيكاغو سيبدأ في 19 أغسطس، وسيتعين على هاريس أن تحدد اختيارَها بحلول ذلك الوقت.

وسيتعين على كل من ترامب وهاريس توخي الحذر في كيفية تعاملهما مع الأشهر الأخيرة من الحملة. ما يزال ترامب يستفيد من التعاطف الوطني الذي أعقب محاولة الاغتيال. أما هاريس، وهي امرأة من أصل أفريقي آسيوي، فقد تعرضت، بصفتها نائبة الرئيس، للعديد من الإهانات العنصرية من قبل الكارهين للنساء.

وإذا بدا أن ترامب يعامل هاريس بطريقة غير مناسبة، فمن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة دعمها، والأهم من ذلك، الإقبال على التصويت بين نساء الضواحي اللاتي يعتبرن عناصر حاسمة في الولايات الرئيسية.

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشونال انترست» - واشنطن