بموافقة مجلس النواب الأميركي في الأيام القليلة الماضية على زيادة حدود الدين الأميركي بواقع 480 مليار دولار، تفادى «الديمقراطيون» انهياراً مالياً محتملاً قبل أسبوع فحسب من الموعد الذي حذرت فيه وزيرة الخزانة، جانيت يلين، من حدوث نفاد في تمويل الولايات المتحدة وعجزها عن السداد. لكن مشكلات الكونجرس والبلاد ما زالت بعيدة عن الحل. والزيادة ستغطي النفقات حتى بداية ديسمبر، وهو الموعد الذي يمثل نهاية التوسع المؤقت لتمويل الحكومة الذي أجازه مجلس الشيوخ في 30 سبتمبر بدعم أكثر من عشرة أعضاء «جمهوريين». 
لكن الديمقراطيين فاتهم الموعد النهائي لإقرار صفقة بنية تحتية بقيمة 1.2 تريليون دولار أقرها مجلس الشيوخ في أغسطس الماضي. كما لم يستطيعوا تقريب وجهات النظر بين المعتدلين والتقدميين بشأن ميزانية 2022 التي تبلغ 3.5 تريليون دولار. وتتضمن هذه الميزانية بنوداً كثيرة من أولويات السياسة الداخلية للرئيس جو بايدن. وهذا مما بدد الزخم الذي حظي به الرئيس بايدن في أغسطس حين لوّح بإقرار مشروع قانون البنية التحتية بموافقة 69 صوتاً مقابل معارضة 30 صوتاً فقط في مجلس الشيوخ كدليل على قدرته على التوسط في صفقات بين الحزبين في كونجرس شديد الانقسام، واعداً التقدميين بأن باقتراب إقرار الجزء الثاني من مشروع القانون الذي يركز على البنية التحتية «الناعمة» مثل الرعاية الصحية وبرامج الرعاية الاجتماعية وإعانات الأسر.
وكلما طال أمد هذه المفاوضات تعاظم التحدي الذي يواجهه الديمقراطيون مع سعيهم لتحقيق كل هذه الأولويات. وهذا يرجع في جانب منه إلى أن الصراع المحتدم دمر الثقة الضعيفة بالفعل بين الحزبين. ويوم السابع من أكتوبر الجاري، وقبل إقرار مجلس الشيوخ الزيادة المؤقتة لحد الديون، اتهم تشاك شومر، زعيم الأغلبية الديمقراطية، الجمهوريين «بخوض مباراة حزبية خطيرة» وبصناعة أزمة. ورد السناتور ميتش مكونيل، زعيم الجمهوريين، بخطاب غاضب مفاده أن السناتور شومر «سمم البئر بشكل أكبر»، وأنه يجب على الديمقراطيين ألا ينتظروا مساعدةً من الجمهوريين في المرة القادمة. وكشف تتابع الأحداث حول مشروعي قانون آخرين الصراعات داخل الحزب الديمقراطي أيضاً. 
وفي علامة على التأثير المتصاعد للتقدميين، تخلت الديمقراطية نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب، عن وعدها للمعتدلين وأرجأت تصويت 30 سبتمبر بشأن صفقة البنية التحتية. ورفض تقدميون دعم مشروع القانون دون التزام من المعتدلين بدعم مشروع قانون «إعادة البناء للأفضل» الأكبر الذي يتضمن بنوداً مهمةً بشأن الأسر والمناخ. والسؤال المحوري الآن يتعلق بمدى استعداد الديمقراطيين لتقريب وجهات النظر فيما بينهم ومدى تأثير التناحر الداخلي، مع استهجان أعضاء علناً جوانب من مشروعات القوانين، في تقليص قدرة الحزب الفعلية على إعلان انتصار كبير للرئيس. ويرى النائب جون يارموث، الرئيس الديمقراطي للجنة الميزانية في مجلس النواب، أن زيارة بايدن في الآونة الأخيرة للكونجرس أنارت طريق الديمقراطيين إلى الأمام. 
وذكر يارموث أن ظهور بايدن غيّر حقاً الآليات وجعل المعتدلين والتقدميين ينظرون إلى الصورة الأكبر. وفسر كثيرون رسالة الرئيس باعتبارها إشارةً للمعتدلين بأنه لن يسعى إلى إقرار مشروع قانون البنية التحتية ما لم يوافقوا على قائمة أولوياته في الميزانية. ويعتزم الديمقراطيون إقرار مشروع قانون «إعادة البناء للأفضل» من خلال عملية تعرف باسم الميزانية التصالحية التي تسمح لهم بتجاوز ضرورة الحصول على النصاب المعتاد بموافقة 60 عضواً على التشريع في مجلس الشيوخ وإقراره بأغلبية بسيطة بدلاً من هذا. لكن هذا يعني أنهم بحاجة إلى كل الأعضاء الديمقراطيين الخمسين، بالإضافة إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس باعتبارها صوتاً مرجحاً. 
ومن الممتنعين الأساسيين السناتوران الديمقراطيان جو مانشن (ولاية ويست فيرجينيا) وكريستن سينما (اريزونا) اللذين امتنعا عن تتأييد الرقم البالغ 3.5 تريليون دولار. وذكر السناتور مانشن أنه يود تقليص الميزانية إلى 1.5 تريليون دولار. ويتحدث الزعماء الديمقراطيون الآن عن مشروع قانون يتراوح بين 1.9 و2.2 تريليون دولار. ويتفاوضون في تقليص الأرقام عن إطار عملهم الأولي الذي تضمن مبادرات امتدت من توسيع إعانات الرعاية الصحية ومجانية التعليم الجامعي إلى إجراءات تتعلق بتغير المناخ. وقد يتم التقليص في عدد البرامج أو في مدتها. 
وعلى مدار أسابيع لما يرقى إلى مباراة خطيرة من العناد السياسي بشأن حدود الدين، فاجأ السناتور مكونيل كثيرين في تكتله بتراجعه في اللحظة الأخيرة والسماح بإقرار التوسع قصير الأمد. لكن مكونيل أعلن أنه بحلول ديسمبر، سيتعين على الديمقراطيين رفع حدود الدين بأنفسهم، مما يعني أنه سيتعين عليهم اللجوء للعملية التصالحية المرهقة. 

كريستا كيس برانت

مراسلة «كريستيان ساينس مونيتور» في الكونجرس
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»