الأذكياء يصنعون الجمال في أرواحنا، ويضعون الضوء مرصعاً في صفحات النجوم، هؤلاء هم من جعلوا في الأرض نواهل، ومناهل، وسهولاً تجري على أعطافها جداول الأحلام الزاهية، هؤلاء هم من لونوا الموجة بياضاً، وشكلوا الأخضر على جبين الصحراء، هؤلاء هم الذين أثلجوا صدور العالم، وهم ينقشون الحياة بفسيفساء الرخاء، ويمنحون النسائم سبر الرونق وسر الفيض، هؤلاء هم من مدوا للطير أجنحة التحليق في سويداء الأفئدة، حتى صارت الأوطان سماء تحدق زرقتها في عيون الحالمين، وتجعلهم في الدنى أشرعة تسابق الريح تطوراً، ونهوضاً، ونبوغاً، وأنعموا على كلماتنا بلاغة، وهم الذين من عطر ابتسامتهم تحوك الحياة جمالها، وتنسج الأرض خضرتها. وطن يقود جياده فرسان علموا الإنسان من كتاب الحياة، وسخروا البحار كي تبدو في الحياة مراكب عملاقة، والركاب ساريات في وجدان الفرح، وعلى أسنمتها ترتفع رايات الحب من أجل عالم يغفو على وسائد الترف وتمضي تطلعاته، كأنها الشهب، وتسير طموحاته كأنها النجوم في مطالعها.
في حديث «الاتحاد» مع الرئيس الصربي ألكسندر فوشيتش، كانت الكلمات على لسانه تتسرب إلى أذهاننا، كأنها القطرات من ضمير الغيمة، فنشعر أن ما يقوله هو ذلك الغيث الذي مدته الغيمة بقوة المعنى عندما لامس مشاعرنا، هذه الكلمات صادفت أهلها، فحديثه عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، كان كمن يرسم صورة على جدران القيم، وكأنه من يكتب قصيدة على صفحات الشيم، لأن ما صرح به، كان له وقع الترنيمة في صدور العشاق، وكانت الدوزنة ترتب أوتار مشاعرنا نحن أبناء هذا الوطن، نحن عشاق من يصنعون الجمال في عيوننا، ويضعون أثمد الفرح في قلوبنا، ويسرحون خيول الطموحات في أرواحنا.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، في روحه عطر المؤسس الباني، وفي هامته تسكن تلك القيم التي زرعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
فكيف لا يكون الوصف مطابقاً للأصل؟ كيف لا تكون الصورة في الجملة الاسمية، هي من جنس العمل.
اليوم عندما نتأمل في المشهد الإماراتي، وعندما نتابع ما يحدث على أرض الواقع نرى أننا نقرأ تفاصيل لوحة تشكيلية، لونتها أنامل فنان برع في صياغة الرواية الوطنية، بحنكة، وذكاء، وعبقرية سياسية، تجاوزت حدود الممكن، ولامست شغاف الفكرة السماوية المجللة بأناقة الصنع، وإنتاج الأفكار النيرة، ومن دون شعارات، ولا ضجيج، بل بخطوات تسير الهوينا باتجاه الإنسان في كل مكان، ونظرات تعانق مشاعر الناس أجمعين، ومن دون تصنيف، أو تمييز، بل هي إشارات واضحة، وصريحة، بأن القائد الفذ لا تعنيه التفاصيل بقدر ما تهمه النتائج، وخير النتائج هي تلك التي تبنى من طوب الأفكار المضاءة بمصابيح الوعي بأهمية أن نكون معاً، من أجل عالم يعمه السلام، وينعم بالاستقرار، لتفرح أمنا الأرض بأبنائها وتضمهم بحنان، كما يحتضنونها بود، ولطف، وحب.
هذه الرسالة التي بعثها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد للعالم أجمع، وهذه الردود التي نسمعها، ونقرؤها من الآخرين وهم يرفعون القبعة لرجل المهمات الصعبة، رجل حمل على عاتقه مسؤولية سعادة الإنسان ليس في الإمارات فحسب بل في كل أنحاء العالم، إيماناً من سموه أن تألم إنسان في أي بقعة من هذا العالم هو بمثابة صرخة مدوية، يستجيب لها ضمير الأوفياء، وتنهض لها قلوب عشاق الحياة.
ما وصف به الرئيس الصربي، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، فهو اسم على مسمى، وهي الحقيقة الدامغة، هي الكلمة الفصل لكل من يتحدث بضمير واعٍ، وعقل صاح، ونفس صافية، نقية من شوائب الحضارات التاريخية المشوهة.