علينا أن ندرك جميعاً كباراً وصغاراً أن هناك بوابتين تفتحان وتغلقان على الهوية الوطنية، اللغة العربية، والتربية الإسلامية، وهما ثنائي المدامك الأولى لبناء الشخصية الإماراتية، بالإضافة إلى الثالوث المهم، وهو سلوك المجتمع وأعرافه وتقاليده، ولأننا في مجتمع منفتح على كل الثقافات والاتجاهات، هدفنا صوب المستقبل والحداثة والعصرنة دوماً، لكن علينا ألا نهمل ونغفل الماضي، فالقطيعة تضر بالثوابت، وتحريك الثوابت يخلخل الإنسان والبناء، من هذا المفهوم علينا أن ندرك أيضاً كباراً وصغاراً أن هذه المدامك الثلاثة قابلة للتحديث والتطوير والغربلة والتقويم من أجل الأجيال الجديدة وزمنهم المتحرك بفعل داخلي أو خارجي؛ لذا علينا أن نحمل تلك المدامك معنا لتصلح للمكان والزمان والإنسان.
إن من أسباب نفور الجيل الجديد من اللغة العربية المقعرة، والمتخشبة وفق منهج اللغة العربية، ومنهج التربية الإسلامية الجامد من أيام «مولانا عبدالحميد بن باديس»، فيفرون منهما فرار الحُمر المستنفرة، فرّت من قسورة، مع إغراءات اللغة الإنجليزية، وسهولة ويسر الطرق التعليمية المحببة إلى نفوسهم، وبالتالي نحن من ندفع أبناءنا لهجر لغتهم الأم بما تصنع أيدي الناس غير الخبراء، وغير المتنورين، والذين يعشقون القديم وما ألفوه، أصحاب الحفظ، والبصم والنص الجامد، هل يعقل أن يطلب من طلاب الصفين الابتدائي الأول والثاني أن يعرفوا الساكن والمتحرك، ويشطروا الجملة، ويقطعوا حروفها الساكنة، ومدّ الواو، وحروف السكون والشَّدّ، يعني قصورهم يعلمونهم علم العَروض الشعري؟ هل يعقل ما يُدرس من قواعد اللغة العربية الثقيلة على الكبار في الصفوف الابتدائية الأولى؟ وما هي الفائدة التي ترجى من زجهم في علم القواعد والنحو أو علوم البيان، والمطلوب منهم أن يفهموها في وقتهم الجديد كما فهمها السابقون من حفظة «ألفية بن مالك»، وأن يعرفوها، ويمتحنوا فيها، وهم في الأساس ضعاف لغوياً، وقليلو الدراية باللغة كحوار يومي، ومفردات التخاطب؟ هل يعقل أن نستمر بطريقة التحفيظ القديمة، وكأن لا وسيلة تعليمية حديثة للغة الضاد وجمال حروفها وانسيابية مفرداتها؟ الطلبة الجدد اليوم يحبون مُدرسة اللغة الإنجليزية أكثر من مُدرسة اللغة العربية، الأولى فرحة، مرحة، وأقرب لهم، وقد تغني لهم، والثانية تشبه المديرة في صرامتها، جامدة مثل منهج لغتها، عصيّة على التجاوب مع أعمارهم وزمنهم الجديد، والأمر ذاته كذلك مع مُدرسة التربية الفنية، وزميلتها مدرسة التربية الإسلامية.. اتقوا الله في تعليم اللغة العربية، والتربية الإسلامية لأنهما مدخل للهوية والانتماء، فلا نغربهما عن أولادنا، بل علينا أن نقربهما إليهم.. والله من وراء القصد.. وقد سمعتم وقرأتم ما قلت لكم!