عند فوز روسيا بتنظيم كأس العالم 2018، وجهت العديد من الانتقادات إلى «الفيفا»، وبعد تجربة الملايين بزيارة روسيا، بحثاً عن متعة وبهجة كرة القدم، عاد هؤلاء وهم يقولون: «الآن شاهدنا روسيا الحقيقية الجميلة التي لم يشوه صورتها رجال السياسة».
وكنت أتوقع أن يمنح «الفيفا» كأس العالم لعام 2030 إلى أوروجواي بمناسبة مرور مئة عام على استضافتها للبطولة الأولى عام 1930، ولكن «الفيفا» لا يتعامل مع هذا الحدث الضخم كأنه حفلة عيد ميلاد ابنه الأكبر، وقرر إقامة 3 مباريات في أوروجواي وباراجواي والأرجنتين في بداية مونديال 2030، على أن تستكمل البطولة في إسبانيا والبرتغال والمغرب، وكل التهنئة للمغرب الشقيق الذي فاز بهذا الحق بعد محاولات استمرت 36 عاماً، بدءاً من عام 1994.. والحقيقة أن المغرب كان قريباً حتى ليلة التصويت من تنظيم مونديال 2010، لكنه في الصباح خسر السباق بفارق 4 أصوات عن جنوب أفريقيا.
وفي توجه جديد يعزز مصلحة اللعبة، منح «الفيفا» المملكة العربية السعودية الشقيقة تنظيم مونديال 2034، لتكون أول دولة تستضيف 48 منتخباً وحدها، فمن المعروف أن أميركا وكندا والمكسيك تستضيف معاً مونديال 2026، وحصل ملف السعودية على أعلى درجة، في تاريخ سباق تنظيم المونديال، (419.8 من 500).
إن تنظيم البطولات الكبرى، ومنها كأس العالم، باتت فرصة حية وثرية لتقديم دولة ما لصورتها الحقيقية، وليست تلك الصورة المخفية في أروقة السياسة أو بين سطور وأوراق مقالات في صحف أجنبية، ولا شك في أن استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 كان حدثاً أسطورياً، خاصة أنه تسبب في نقلة حضارية هائلة في الدولة، كما حقق أرباحاً قدرت بـ 17 مليار دولار حسب تقرير نشرته جريدة الشرق الأوسط نقلاً عن تقرير «ستراتيجك جيرز»، بينما حقق مونديال روسيا 2018 مبلغ «14 مليار دولار»، فيما تفوق عليه مونديال البرازيل 2014 بمبلغ «15 مليار دولار»، أما مونديال جنوب أفريقيا 2010 فكانت عوائده المالية «12 مليار دولار»، وأخيراً مونديال ألمانيا 2006، الذي حصد «14 مليار دولار».
وهذه الأرقام تمثل العائد المباشر إلا أن الأثر الاقتصادي والسياحي والرياضي والتنموي والنقل، والغرف الفندقية والبنية التحتية من طرق وتكنولوجيا تسبق عام تنظيم هذا الحدث لعقود، وهي منشآت تبنى لشباب ومواطني الدولة، بجانب تشغيل الآلاف في وظائف تتعلق باستضافة الحدث وكلها منشآت لأجيال قادمة، سواء تلك الرياضية أو الفندقية أو الطرق، وهي عوائد لا تقدر بمال، وتمثل تطوراً في صورة الدولة وبنيتها ويجعلها ضمن المقاصد السياحية المهمة. 
والسياحة صناعة تثري الدخل القومي لأي دولة، وبحسب التوقعات ولوجود شهر رمضان في الفترة من 12 نوفمبر وحتى 11 ديسمبر من عام 2034، فإن مونديال 2034 قد يكون في الفترة ما بين 16 ديسمبر و1 فبراير، وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم نقل المونديال الذي استضافته قطر إلى الفترة من نوفمبر إلى ديسمبر 2022.
** مشاركة المغرب في تنظيم مونديال 2030، واستضافة المملكة العربية السعودية لمونديال 2034، يعد انتصاراً عربياً حقيقية، وآن الأوان لأن نفكر جدياً كعرب، في تطوير المستوى الفني للمنتخبات العربية، فلم يعد الهدف هو المشاركة في كأس العالم، ولكن المهم هو، كيف نلعب في كأس العالم؟