لعلها من بشائر الخيرات في عامنا المنصرم، وجلال الأمنيات لعامنا المقبل، أن تحظى العين، تلك المدينة التي تتوسد التاريخ منذ قرابة 4000 عام، بأن يتولى مقاليد أمر شؤونها، وإدارتها، وبعد صدور الأمر السامي من رئيس دولتنا وقائدنا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبصفته حاكماً لأبوظبي، سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، الذي يعرف العين مثل كف يده، وتعرفه العين منذ ولادته، فهو خير صادف أهله، وفضل ومِنّة من الله بدوام عهده، فالعين دار الزين تستحق الكثير، ويمكنها أن تقدم الكثير، فأرض الولادات والخيرات لا يخيب نسلها، ولا يعيب بذرها.
العين هذه المدينة التي عرفت تاريخياً بمسميات كثيرة ومختلفة عبر التاريخ الطويل، فقديم عهدها يعود إلى 300 عام قبل الميلاد، لكن تاريخها الموغل في القدم يعود إلى 4000 عام، حيث يعود أقدم وأهم أفلاجها التاريخية، كما هو مدرج في الإرث الإنساني والتراث الحضاري لليونسكو، إلى 3500 سنة، وهو من أقدم الأفلاج في العالم، وهو مبني بطريقة هندسية عالية الدقة، تصميماً وعملاً، وقد حضرت في أشعار العرب الأقدمين، وكانت معسكراً لجيوش الخلافة الراشدية في فترة حروب الردة، وهي نقطة تقاطع تجاري مع حضارة بلاد الرافدين، وبلاد فارس، وما الجرار الفخارية التي يحتضنها متحف العين إلا دليل الخير وغلال القمح والشعير، وقد نقل لنا الأولون أنها كانت تزرع البُر والقمح والحبوب في «المراغات» التي تحوط أماكنها الشاسعة، تروى من أمطارها صيف شتاء أو من خلال مياه أفلاجها.
العين كانت في البداية والنهاية منطلق فكر زايد بالتغيير، وبناء وطن وإنسان يستحقان الكثير، كانت العين هي أول من رأى أحلام زايد بالازدهار والتأسيس، وصنع المستحيل من الصبر ونحت الحجر.
توالى على حكمها في التاريخ الحديث، بعدما كان على كل منطقة فيها شيخ أو حاكم أو مندوب عن الحاكم بمختلف تلك المسميات القديمة، تولى الشيخ أحمد بن هلال الظاهري حكم إداراتها كلها، وقضاءها في نهاية القرن التاسع عشر حتى وفاته عام 1936، ثم تولى شؤونها إبراهيم بن عثمان البلوشي حتى وفاته عام 1946، ثم تولى عبدالله بن محمد بن غنوم الهاملي فترة قصيرة، قبل أن يحكمها الشيخ زايد عام 1946، وحتى عام 1966 بعده، تولاها الشيخ خليفة بن زايد ثلاث سنوات حتى عام 1969، ثم الشيخ طحنون بن محمد حتى وفاته عام 2024، عليهم من رحمة الله وغفرانه وثوابه ما شكر الشاكرون وذكره الذاكرون.
العين هي مدينة السبع بُلد، كما يسميها قديماً أهلها، تسقيها أفلاجها السبعة، كبيرها الداودي أو العيني، وحول تلك تلك الأفلاج دارت الحكايات والأساطير وقصص المساءات، تغزلوا بها شعراً وطرباً:
المعتــــــرض والجيمــي    يفدون سكن العين
العــــين يا المعمــــــــــــورة     ترف ورطبها زين 
هب بالخوص محظوره      ميدورةٍ بالطيـــن
تاخذ شهـر ممطــــورة                 مسقايـــــه بفلييــــــن
فيها حسين الصـــــورة     فايج دلال وزين
جنّه القمر في نــــــــوره      ومحـــــني الكفين 
‏من لابةٍ مشــهــــــــــــــــــــورة     وميراه وسط العين 
ومن قصائد التغزل في العين وزينتها وجمال كُحلها:
لو عطوني الهند بالكلّي 
عن مبيت العيـن ما باها
يا عـساها يــــودّ ينــهلّي 
من مــــزون ينـــدفـــج مـــاهـا 
لين تثمـــر نرجــس وفلّي 
في روابيــــها ومـفـــــــلاها 
وان تبـــسم كــــــوس مطلّي 
ذا شــفاء نفسي ومنــواها
لأبي زايد وفاخرة، نهنئ أنفسنا، ونهنئ العين بهذا القدوم الطيب، ومثلما يتفاءل بك نادي العين على مر السنين، اليوم العين كلها ذاك الأمل والتفاؤل، ومكنون الود، فمثلك قادر على أن يصنع الفرق، ودام «المقام» عامراً بحضورك سيدي.. والعين كلها العين تهزع بالفرحة لهزاع.