ما الذي يجعل إنساناً ما يصدر طاقة إيجابية فأحبه، وآخر يصدر طاقة سلبية فأنفر منه؟ سؤال تصعب الإجابة عليه. لكن للتأمل مساحة تتيح للافتراضات أن تستقرئ الإجابة من علاقاتنا المتبادلة مع غيرنا من البشر. كما للعلم أبحاثه التي تضيء لنا ما يغمض علينا من مشاعرنا وسلوكنا. فعلم النفس يفسر أنواع السلوك البشري بدوافع بعضها مخزون في العقل الباطن، وبعضها مما نستقيه من قيمنا الاجتماعية التي تحكم مسار علاقاتنا أفراداً نعيش معها اجتماعياً. أما في العلوم الطبيعية فإن التجريب يضع حقائق السلوك وردود الأفعال في مختبر التفاعل الحيوي البيولوجي، باعتبارنا كائنات حية تصدر طاقة نسميها «الروح» وهذه الروح لها إشعاعاتها التي تحيط بكل كائن حي دون أن نستطيع رؤيتها. ومع ذلك فقد اشتهر العالِم النمساوي «رودولف ستاينر» باستبصاره ومهارته في رؤية مجالات الطاقة المحيطة بالناس. وهي هالة (aura) دائمة النشاط وسريعة الزوال تحيط بكل كائن بشري. وهذه الهالة مملوءة بالصور المتحركة واللامرئية، تمثل أساساً لنشاطنا الفكري، وهي لا توجد في عقولنا فقط بل تحيط بأجسادنا وتختزن فيها الذكريات. وكل ما قمنا بعمله أو فكرنا فيه طوال حياتنا يظل حاضراً في هالة الصور التي تحيط بالجسد، وتحدث نتيجة نشاط التفكير الفعال.. وهذه الصور هي مصدر حيويتنا التي تتكون من نفس مجال الطاقة الثابت حول أجسادنا. كما توجد حالة استرجاع دائري بين أعضائنا الجسدية وعقولنا ومجالات طاقتنا، بحيث إن أي تغيير يحدث في واحد منها يؤثر على باقي الدائرة، وبالتالي طريقة تفكيرنا تؤثر على عمل أجسادنا وكذلك يؤثر نوع الطاقة التي في الجسد على طريقة تفكيرنا. إن هذا النوع من المعرفة العلمية قد يساعد في معرفة أسباب انفعالاتنا ومشاعرنا المتباينة تجاه الآخرين حين تجمعنا بهم أنماط العلاقات الاجتماعية، فإذا كانت طريقة تفكيرنا تؤثر على عمل أجسادنا، فإن أي تفكير سلبي (كالحقد والكراهية والتشاؤم والاكتئاب) هي انفعالات تولدها طريقة تفكيرنا ورأينا في الآخرين. وتبث هالة معتمة تعمل على توليد مشاعر النفور أو عدم الاستلطاف، والعكس صحيح تماماً، لأن ما نبثه من طاقة يتم تبادلها مع طاقة الآخرين. وفي مجال هذه الطاقة يتم توالد المشاعر المتباينة بيننا وبينهم. فنحب هذا وننفر من ذاك، ونستلطف ونحب هذا، ونستثقل ذاك وننفر منه. وهكذا نعبر عن نوع مشاعرنا، في نفس الوقت الذي لا نستطيع فيه إدراك سببها المباشر.