للحداثة السائلة سؤال، فحواه كيف نتخلص من صلابة الأفكار، وندخل حي السيولة؟ وكيف نلج بحيرة النعومة، لنقطف ثمرات حضارة بدأت من جديد تنمو لها أضلاع، وصارت في الزمان كتاباً نقرأ فيه كيف نتحرر من خشونة الأفكار الصلبة، تلك الأفكار التي نشأت بمفردات علوم تاريخية، استقتها من تجارب فاشلة إلى حد ما. اليوم تقود دبي مرحلة ما بعد التكلف الحضاري، وتدخل بيت الشفافية، تدخل من ثقب إبرة الأفكار الناضجة، تلك الفراشات الملونة بالأبيض الناصع، وتعمل دبي بفضل قائد خبر ترويض الخيل، وتقليم أظافر الصعاب، واستطاع أن يرتفع بدبي إلى هامات النجوم، وهذا المسعى، هذا التطلع نحو الغايات العظام، جعل من دبي خطوات واسعة نحو المجد، وجعل من الخطوات وثبات نحو مستقبل يرفرف بأعلام زاهية كأنها الورود، وجعل المستقبل وكأنه الرسالة المبتعثة من حبيب، لبيب، يود الوصال، فيلقى القلوب تفتح نوافذها، ويجد الأفكار تغرد طيورها، لأجل عالم مبتهج، ولأجل كون ينقي كؤوسه من الفقاعات، ولأجل وجود يمنح للحاضر باقات من مشاريع، أصبحت في الوعي كأنها سحابات تبعث بعذبها إلى الوطن، فتنتشي التضاريس، وتنتعش الحياة وهي تحتضن مشاعر شعب مده الله بقيادة سخرت كل إمكانياتها لأجل رفاهية الناس، وترف الحياة، وبذخ العيون، والجباه التي على صفحاتها نور السلام وبهجة الوئام.
إنشاء مركز للمرونة في دبي، هذا يعني أن العقل هنا، في الإمارات الحبيبة، أوسع من الفضاء، وأرفع من الجبال الشم، وأروع من الموجة البيضاء في عرسها الصباحي وهي تلامس الرمل بشغف التلاحم بين المرونة، والصلابة.
إنشاء مركز للمرونة يعني صناعة مادة سائلة تمضي حقباً على سواحل المؤسسات، والدوائر، وجعل من هذا المركز ناقوساً يدق في عالم يحتاج إلى رنات في الوعي كي تستمر اليقظة وثّابةً في ضمير الناس، وكي تستمر الحياة محمولة على أكتاف ذكاء لا يخمد أواره، ولا تنطفئ له شعلة.
إنشاء مركز للمرونة يشير بالبنان إلى أن الحياة في بلادنا ليست إلا موجات من حراك عقلي وتيارات من أحلام، رسائلها من ومضات تثير في العقول رغبة التحول من نقطة ارتكاز إلى نقطة بناء، يتلوها بناء، وهكذا استطاعت الإمارات خلال عقود قليلة أن تتخطى حاجز الزمن وأن تقف عند قمة الجبل، لترى كيف تخيط الشمس حريرها الذهبي، وكيف يرتب القمر شمعاته، تحت جنح الظلام، وكيف تمشط النجوم أهدابها الفضية.
هذه هي الإمارات، وهذه هي الشمعة التي أنارت ليل العالم، وأضاءت ظلامه، بقدرة قيادة حكيمة، استفادت من درس التاريخ، فأينعت أفكارها، وامتدت في الربوع، ومدت للمدى تطلعات كأنها أشرعة السفر.
فشكراً لعشاق المجد، شكراً لصناع التاريخ.