تابعتُ قبل فترة تقارير إعلامية حول وضع لجنة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة قواعد جديدة تحظر بموجبها التقييمات المزيفة التي توضع على «الإنترنت»، وفرضت بموجبها أيضاً غرامات باهظة على المخالفين تصل إلى خمسين ألف دولار.
تساهم هذه القواعد الجديدة في منع التقييمات المزيفة التي تضلل المستهلكين وتضر بالأعمال التجارية وبيئاتها على حد سواء. وبموجب القواعد الجديدة، يمنع وضع تقييمات مزيفة على منصات التواصل الاجتماعي، والمبالغة في تقييم هذا المنتج أو ذاك، واستخدام حسابات وهمية من خلال الذكاء الاصطناعي لوضع تقييمات مزيفة للمنتجات أو الأعمال المعنية والجهات المنتجة أو المسؤولة عنها.
الواقع أن التقييمات المزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت واقعاً تعانيه العديد من المجتمعات، ونحن منها. ومع ازدهار الأعمال، انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير، بل وظهر معها مسوقون ومروجون لها يدّعون أنهم مؤثرون أو رواد ونجوم «السوشال ميديا». وبكل ثقة وجرأة، يعرضون بيع وزيادة عدد المتابعين.
تجار التقييمات المزيفة هزوا ثقة المستهلك بما يُكتب على حسابات الجهات المعلنة من تعليقات غير صحيحة، تفتقر للموضوعية والمصداقية، بناءً على إيحاء وتوجيه من صاحب الحساب التجاري.
بعض أصحاب المشاريع الصغيرة والبسيطة يعانون أكثر من غيرهم جراء تلك التقييمات المزيفة، وبخاصة من قبل منافسين آخرين يستخدمون هذه الطريقة للنيل منهم أو التشكيك في جودة ما يقدمون، وينتهكون بذلك أبسط قواعد المنافسة الشريفة في عالم الاقتصاد الحر.
في السابق، كان هناك كتّاب وصحفيون متخصصون في تقييم المنتجات والأغذية والمشروبات في وسائل الإعلام. وآخرون يعملون لدى الشركات المنتجة تحت مسمى «متذوق» أو «متذوقة»، ويتقاضون رواتب ومكافآت ضخمة. اليوم، دخل على الخط ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي جماعة «ولا غلطة»، الذين يقدمون أنفسهم على أنهم مؤثرون، بينما أغلبهم مجرد تجار إعلانات لا يختلفون عن أي شركة إعلان. وقد شاهدنا كيف كانت ردة فعلهم عندما أُدرجت أنشطتهم الإعلانية ضمن المجالات الخاضعة للضريبة.
الواقع الجديد يتطلب من «حماية المستهلك» في وزارة الاقتصاد ودوائر التنمية الاقتصادية مواصلة جهودها الطيبة في تعزيز وترسيخ الممارسات الصحية والصحيحة في السوق المحلية، وذلك من خلال شمول تلك الجهود لقضية التقييمات المزيفة التي انتشرت واستمرأها البعض، وأعتقد أنها ستنطلي على الجميع وتتواصل إلى ما لا نهاية.
بعض مواقع التواصل الاجتماعي انتبهت منذ فترة قليلة لهذا الموضوع، وأصبحت من باب الشفافية تضع عبارة توضيحية بأن «التعليق أو التقييم يتبع حساباً على صلة بالمعلن». تنظيم قواعد التقييمات سيسهم في تعزيز المصداقية عليها، والتشجيع على نشر التقييم الصحيح بعيداً عن أي تضليل أو تهويل يضر بالمستهلك.