رؤية (بوراشد) حلم المواطن، ونظرية أرختها الطبيعة عندما فتحت نوافذ الغيمة على الأرض، وصار الوشاح الفضي مطراً يطرق أبواب الحياة كي تنفتح أسارير التراب، وتنبعث الأشجار رسالة سماوية تهدي الطريق الإنساني إلى حياة باذخة، رخية، ثرية، مترفة بالمعاني، سخية في معطياتها.
رؤية (بوراشد) فاتحة التقدم، وبيت القصيدة الأول، يشرع مفرداته على العالم كي تمضي الجياد رافعة الصهيل، ذاهبة في الوثبات باتجاه مستقبل زاهر، مبهر، مزدهر، يشيع في النفوس بوادر الخير للإنسان، للأرض، وكل مخلوقات الله.
رؤية تسجل للتاريخ ملكة زعيم آمن بأن الحياة شجرة نحن الذين نضع الثمرات على أغصانها، ولكن عندما ينكمش بعضنا خلف الأبواب، مختفياً وراء الحجب، والممانعين، والحاجبين، والقابضين على لوعة الناس باللاءات المعدنية العقيمة، مما يجعل أصحاب الحاجة يقعون تحت سطوة المنع، والردع، مثل وريقات عافتها الأغصان بعد عسف رياح الأنا المتضخمة، وبعد عبوس يبعث على الغثيان، وبعد تجاعيد جباه تشيع الكدر والإحباط في النفوس.
واليوم ونحن في دولة الشفافية، نحن في بلد يعز الإنسان ويلون حياته بالفرح، أصبحت اللاءات في عداد الموتى، وهي تتلاشى، وتندثر، وتغيب عن الوجود في دولة يحمي حماها رجال انتموا إلى الشعر كما انتموا إلى الفرح، محملين بإرث الباني المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، سائرين على نهجه القويم، تفيض قلوبهم بالحب، والرحمة، وفي عيونهم يشع بريق التضامن على الإنسان، ورفعة شأنه، وجعله بين النجوم شهاباً يلون السماء بالجمال كما يشكل لوحة الأرض بزخارف الفرح والبهجة، والطموحات الكبيرة، والتطلعات العظيمة، ومن عقله تنثال الإبداعات، كما هي الجداول في عروق الأشجار.
هذه رؤية الشاعر، وهذه وثبة الفارس، وهذه هي نظرية النابغ في صناعة مجد الوطن، ووجود المواطن.
كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، هي أجراس عودة للوعي لدى كل من نسي نفسه في زحمة الأنا المتضخمة، وهي الكلمات التي تسقط على الرؤوس، فتفتح مشارب الإبداع في كتبها وصحائفها لبعضهم، وبعضهم الآخر قد تكفهرّ وجنتاه، وتتلوى حواجبه، ويحك فروة رأسه ويقول (ياك الموت يا تارك الصلاة) فيستيقظ من سباته ويقول إن الله حق، ويعيد حساباته، وينتبه لنفسه، ويغير من طباعه.
وهذا أمر محمود إن كانت الانتباهة تؤدي إلى تحسين الأداء، والتضامن مع الناس بدلاً من تعميم الضيم والأسى.
ونقول ومن دون مواربة، أو تضمين: نحن في بلد يهنأ بين أيدٍ أمينة، فلا بأس، ولا يأس، ولا بخس، ولا رجس، نحن نعيش عصرنا الذهبي في ظل قيادة رشيدة، ترشد من في قلبه هوى، وتثيب من قبله من شمعة، تضيؤها الأعمال الجليلة، والتي تخدم الإنسان في هذا الوطن الجميل.