للصحافة الفرنسية طرق مبتدعة في قراءة ما وراء الأخبار، فقد كان يكفيها أن تنشر «ليكيب» الأكثر شهرة بين وسائل الإعلام العالمية في مجال تخصصها، أن رياحاً تهب على «أنفيلد» قلعة ليفربول، قد تقود «الفرعون الصغير» محمد صلاح إلى «حديقة الأمراء» معقل نادي باريس سان جيرمان، لتتحرك الأقلام، وتغمس في حبر الشاعرية، فترسم لنا العاصمة باريس، وهي تستعد لاستقبال «مسلة فرعونية» جديدة، تسترد لعاصمة الأضواء ما خفت قليلاً من رونقها وألقها.
من التردد الذي يبقي عليه صلاح، بشأن مستقبله مع ليفربول، نفخ إعلاميون في رماد التوقعات، فاشتعلت جذوة الشائعات، والكل يتمنى أن يحط «الفرعون الصغير» الذي أصبح أسطورة حية لنادي ليفربول، إلى جانب كثير ممن يذكرهم تاريخ «الريدز» عند الرحال، فمن لا يراه شامخاً إلا في حدائق «الأنفيلد».
ومن يعتقد جازماً أن وصوله إلى باريس قد يفك عقدة دوري الأبطال التي تلازم الفريق الباريسي منذ مواسم عدة، وما استطاع عباقرة مثل نيمار وميسي حلها.
ومن يراه قادماً بشمس الأرياف المصرية، ليسحب أرسنال من ضباب لندن، ومن يعتقد أن موطنه القادم بمانشستر مع «السيتيزن»، ومع الكيميائي بيب جوارديولا، ومن يقول إن «الكامب نو» الذي سيفتح قريباً أبواب الدهشة ببرشلونة، يليق به أن يستقبل فارساً مثل محمد صلاح، حتى في وجود الجوهرة لامين يامال.
ومن يعتقد أن «الكالتشيو» الذي يذكره ببداياته الجميلة مع فيورنتينا وروما قد يغريه بالعودة إلى إبطاليا، منضماً لكوكب ميلان أو لمجرة الإنتر، ومن يقول بلغة الجزم إن المستقر القادم لصلاح سيكون بالولايات المتحدة الأميركية، ومن لا يراوده شك في أن صلاح ضبط أشرعة المركب، لتسافر به شرقاً إلى الدوري السعودي.
كل العواصم وجدت نفسها تشرع الأبواب والنوافذ، لمقدم البطل الأسطوري الذي وصل إلى سن الثلاثين، وما ضاع من سحره أي شيء، كلها تحلم بأن يكون «مو صلاح» معها لا مع غيرها، فماذا يا ترى هو فاعل صلاح؟
بصرف النظر عما هو كائن اليوم، من أن صلاح في حال لم يقرر حتى نهاية السنة الحالية تجديد عقده مع ليفربول الذي ينتهي بنهاية الموسم، سيكون بمقدوره فتح باب المفاوضات على مصراعيها من دون حرج ولا تحرج، فإن التدقيق في الاختيار لتحديد الوجهة القادمة، سيكون أمراً بالغ التعقيد، لأنه يقوم على إحدى القاعدتين، فإما أن يكون صلاح قد ضاق ذرعاً بالضغوط، وسيقرر اللعب في أماكن تروق له، وإما أن يكون تواقاً لوضع أجمل خاتمة لمساره الخرافي، ويختار النادي الذي يبقيه في قمة الهرم، ليكمل كتابة إلياذته فرعوناً جديداً للكرة العالمية.