ما بين النور والسلام، خيط شعاع يبزغ ضوؤه، ووضوحه على أرض المحبة والسلام، وبين إرث نبيل، تركه الباني المؤسس، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، ليكون للعالمين نبراساً للحياة، وأساساً للعلاقات بين شعوب العالم، وكأساً من مذاق السلسبيل، نقرأ فيه آيات الحلم الإماراتي، ونشهد من خلاله صور الإنسان الأخلاقي الذي يشيد خطاه من وثبات النسيم على وجنات، وجباه.
متحف «نور وسلام» في مركز جامع الشيخ زايد الكبير هو السيرة، والسيرورة، والمسار، وهو المبتدأ والخبر في بناء الجملة المعرفية والتي تسرد قصة مكان تأسس على الحب، وبنيت أركانه من طوب السلام، ورفعت جدرانه على أكتاف وعي إماراتي بأهمية أن يكون العالم من دون رياح الغضب، ومن دون جراح، وأتراح، وأهمية أن تستعيد الحضارة الإنسانية مناقبها، وتستدعي خصالها التي تم خدشها خلال قرون الحروب العشوائية، والضغائن العاتية، وشرخ الجدران بين الأديان السماوية، متحف نور وسلام، يقف اليوم شاهداً على وعي حكومة الإمارات، وشعبها بالدور السامي الذي يقوم به الوعي عندما يمحو الفواصل بين قيم الأديان السماوية، ويسكت أصوات اللاشعور، والأنوات البغيضة، ويعلي شأن الروح الزاهية، ويفتح نوافذ التداخل بين الكتب السماوية، ولا يدع مجالاً للمتغطرسين، ولا المتعنتين، ولا المتزمتين، ولا القابضين على جمرات الكراهية، ولا المتشبثين بعوادم الأفكار السقيمة، ولا اللاهثين وراء دخان نفايات تاريخية عقيمة.
متحف نور وسلام، هو وعاء لأحلام الناس المكللين بمشاعر الحب، المتوجين بتاريخ طويل من العلاقة السامية مع الآخر من دون غبن ولا شجن، هؤلاء الرجال النبلاء الذين خرجوا من الصحراء معبئين بخصال الرجل النجيب زايد الخير، هؤلاء الذين عبروا الزمان بمراكب الأحلام البهية، سعياً للوصول إلى موانئ الألفة، والسلام، والوئام، والانسجام مع الآخر، إيماناً منهم بأن السلام هو فاتحة الإسلام، وأن الوئام هو شرشف الدفء، وأن الانسجام هو الذوبان في كأس الماء العذب.
منذ فجر الاتحاد المجيد والإمارات تذهب بالمشاعر نحو غايات النشوء والارتقاء بأهداف الناس جميعاً، وتحرير تطلعاتهم من الأنانية، وتشذيب قلوبهم من الأفكار العابسة، وتهذيب أمنياتهم بحيث لا تتجاوز أماني الآخرين، ولا تكون عقبة في التواصل مع الآخر.
منذ فجر الاتحاد، والإمارات تخطو كما هي الجياد باتجاه المستقبل، والصهيل أناشيد حب، لأجل عالم ينعم بالنماء والازدهار، والرقي، والتطور.
منذ فجر الاتحاد والإمارات تتقدم الصفوف، حاملة شعلة الطمأنينة، لأجل عالم تسبقه الابتسامة قبل أن يسرد قصة وجوده، ولأجل حكاية تثري أفئدة أجيال بمفردات لا تعرقلها كلمات البغض، والحقد، والسوداوية اللئيمة.
واليوم ونحن نعيش عصرنا الذهبي ونحن نرتع بين أعشاب أفكار كأنها الأهداب تحفظ المقل، نشعر أن العالم يولد من هنا، من هذا المكان الجغرافي الذي يحمل أجمل اسم، اسم الإمارات.