عمل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على ترسيخ الإرث الطيب في القلوب، وكان سمة في الجباه، ونبرة على الشفاه، وبريقاً بين الرموش، وحلماً يتألق وجداً ووجوداً، في نفوس الإنسان على هذه الأرض.
فإرث زايد، كأنه الغيمة في أتون البرق، واليوم إذ تحتفي القيادة الرشيدة بهذا الإرث، إنما هي النخوة، المؤزرة بقيم الوفاء، ورخاء العاطفة المرهفة، وهذه هي شيم الأبناء في السير قدماً على طريق البناة العظام، وها نحن اليوم نحصد ثمار هذا التلاقي بين الرمش والعين، ونمتلئ فخراً كون الإمارات تمضي باتجاه تعزيز مآثر الباني المؤسس، وتجسد قيم العطاء، وثقافة التكامل بين الأجيال، إيماناً بأن الوطن وعاء ونحن الذين نملأ جعبته بخير ما ورثناه، وما تربينا عليه، ولا أعظم من مدرسة زايد الخير الذي أعطى وسخت يداه، الإنسان والطير والشجر، وهي القصيدة الأعظم في أبياتها وعلى صفحات التاريخ، قصيدة العطاء، وقد فاض شعره، كما عظمت نفسه السخية بما جادت به من خير الكلمة، وفضيلة الترف المادي، فأصبحت الإمارات الصورة النموذجية لدولة قامت على الحب، ونهضت على العدل، وترعرعت بالمساواة، وازدهرت بابتسامة الود بين القيادة والشعب.
الإمارات اليوم، إذ تحتفي بإرث زايد الخير، إنما هي تحتفي بالحياة التي أحبها زايد، كما أحب الإنسان، الذي رعاه، وأعتنى بشأنه، وتربت مشاعره على التآخي، والانسجام، والتصالح مع النفس، والتضامن مع الآخر.
منذ فجر الاتحاد، ومنذ أن نبتت شجرة الأيدي المتشابكة، كان الحب ثامن الإمارات، كان القمر الذي أضاء الطريق باتجاه المستقبل، وكان الحب نبراس هذه الدولة، وكان الحب القصيدة التي دوزنت أبياتها على وزن بحر اللطف، والعطف، وامتداد الرؤية إلى حيث تكمن الأخلاق الرفيعة، وحيث تكون الحياة من دون غضون، ولا شجون، حياة الإمارات هي المدى الأبعد لكل ما هو إنسان أحب الله فحبب الناس فيه، وهذه هي الكاريزما التي تمتع بها الشيخ زايد، طيب الله ثراه، زعيم تعلم من الحياة العفوية، ومن سيمفونيتها الكونية أخذ ترنيمة الحب، للإنسان، لكل إنسان، من دون استثناء، أو إقصاء.
هذا هو إرث زايد، وهذه هي سمات زايد، نتمنى من هذا الجيل أن يأخذ بناصيتها، وأن يتعلم منها، وأن يرتوي من نهرها، وأن يتشبع من أقانيمها، وأن يسير على منوالها، وأن يتبع خطاها، وأن يحتذي بحذوها، وأن يقتدي بمثالها القويم.
هذا هو إرث زايد الذي نتمنى أن يتعلم منه الجيل المعاصر كيف يحب، وكيف يمنح الحب، وكيف يتعامل مع الحياة، كشجرة لا تروى إلا بالحب، حب الإنسان للإنسان، وعشق الإنسان للفضيلة، كترياق يشفي من العلة، ويعافي من درن الحقد والكراهية، والأنانية.