بحثت عن جذور كلمة «أونه» في بحور اللغة، إذ يفسر ابن منظور في لسان العرب كلمة «أون» بأنها مشتقة من الْأَوْنُ: أي الدَّعَةُ وَالسَّكِينَةُ وَالرِّفْقُ، أُنْتُ بِالشَّيْءِ أَوْنًا وَأُنْتُ عَلَيْهِ، كلَاهُمَا: رَفَقْتُ، وَأُنْتُ فِي السَّيْرِ أَوْنًا إِذَا اتَّدَعْتَ وَلَمْ تَعْجَلْ، وهي تعني كذلك، وَالْأَوْنُ: الْمَشْيُ الرُّوَيْدُ، مُبَدَّلٌ مِنَ الْهَوْنِ، لذا فإن كلمة «ونْيِ» في اللهجة العامية تعني البطيء في عمله أو سيره أو حتى كلامه وينعكس ذلك على شخصيته في بعض الأحيان.
ثم سرت أبحث عنها في برامج الذكاء الاصطناعي فيقول شات «جي بي تي»، إن «أونه» كلمة إماراتية تُستخدم في اللهجة العامية، وتعني «كما لو» أو «يبدو أنه»، وهي تُستخدم للتعبير عن المفاجأة أو التعجب أو السخرية في بعض الأحيان، وهي تأتي في سياق الحديث لتوضيح أمر يُعتقد أنه صحيح لكنه في الواقع ليس كذلك، مثال لذلك «أونه يقول بيسوي كل الشغل بروحه!» الترجمة: «يقول كما لو أنه سيقوم بكل العمل بنفسه!»، وقد لفت انتباهي أن البرنامج لا يفسر أو يشرح، بل يترجم الكلمات الإماراتية من اللغة العربية إلى اللغة العربية!
وعندما سألت مجموعة من الشابات عن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة، أرسلت لي إحداهن التعريف الذي ورد في كتاب معاني الكلمات العامية في اللهجة الإماراتية الذي جمعه سالم راشد تريس القمزي، الذي يقول بأنها كلمة ذات إشارة كلامية «يطلق هذا اللفظ كإشارة كلامية من متحدث إلى مُخاطب، سواء كان المُخاطب حاضراً أو غائباً، ويحمل في طياته الإشادة والمدح والتشجيع والثناء، نظراً لما فيه من صفات تدل على الشجاعة والكرم والخلق الطيب، خاصةً في ساعة الفعل وما يظهره من نشاط إيجابي محبب، ولا يمنع أن يدل اللفظ على من يمدح نفسه كثيراً بما ليس فيه، كما يفيد اللفظ معنى الظن في المخاطب أو المتحدث عنه».
للعارفين أقول، اللهجة الإماراتية كنز ومحتوى عميق تمتد جذورها وتلتحم باللغة العربية الأم في عناقيد لها شجون وترتبط بالمنطق، وكلمة «أونه» ليست مثل كلمة «طر» التي تحولت بفعل فاعل من كلمة تعني القطع والقص والانفصال إلى كلمة تعني الجمال والبهاء، كلما تمسكنا بلهجتنا عرفنا خصوصيتها وعمق منطق أهالينا فقد كانوا أصحاب رموز ودلالات وجماليات أسهمت في استدامة الموروث والممارسات، لاسيما التواصل عبر لغة ولهجة لا يستهان بتأثيرها، والباقي عندكم!