صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في زيارته إلى أميركا التقى بأبنائه هناك الذين يتلقون العلاج في مستشفى الأطفال الوطني بواشنطن، لامست السياسة روح الإنسان لدى قائد الوطن، واحتدمت مشاعر الحب، وهي تحدق في عيون صغار الوطن، وذابت الابتسامة، وهي تلامس بريق الفرحة على وجنات كأنها الورد، وتلاشت في اللحظة أحوال المرض، في شجون الحب الكبير، ومن يقرأ المشهد يرى أن القيادة هي سيادة الحب لدى سموه، وأن الزعامة هي قوامة الإحساس المرهف وهو يطوق شموعاً أرهف من الضوء، وأنعم من بريق النجوم، وأعظم من جلال البرق في أحشاء السماء.
تلك هي مشاعر الزعيم، وهو يطوق أجساداً كأنها الشمعة في ظلام العالم، وكأنها البذرة في حقول التطلع إلى غدٍ مشرق بالآمال، والأحلام الزاهية.
مشهد تسيل له مشاعر تدحرج موجاتها من سنوات الزمان، قديمه وحديثه، ويبقى التاريخ يستل أقلامه ليكتب عن ظاهرة إماراتية فريدة لا تتكرر في العالم، ولا شبيه لها إلا هي بين يدي رجال عاهدوا الله أن يكونون في الزمان أسطورة، وفي الجغرافيا أيقونة وعلى ضفاف الحقيقة تبدو الابتسامة الشفيفة فراشة تبري شغفها بأجنحة الود، وتنبري في الزمان لغة فرادتها في قيمتها، وأبجدية جمالها في شكيمتها، وقصيدة ملحمية لا تباريها قصيدة كتبت أو ستكتب؛ لأن الإنسان عندما يصبح في الحياة قافية في قصيدة الحياة تصير الحياة ملحمة تاريخية لا تتكرر إلا في صورة صاحبها، هكذا شاهدنا، وهكذا قرأنا، وهكذا تأملنا، وهكذا تصورنا، وهكذا صورنا المشهد كما تصورنا؛ لأن ما يحدث في الإمارات ليس مشهداً، وإنما هو ظاهرة في التاريخ المعاصر هذا التاريخ الذي يندر فيه كل ما يتعلق بالمشاعر الإنسانية، وما يحدث في الإمارات لا يحدث إلا في الإمارات، فقط لأنها الإمارات وفقط لأنها غرسة زايد الخير، وفي غيابه لم تغرب الشمس، بل تبزغ في كل صباح بين كفوف أبنائه الكرام الذين حملوا الراية، باقتدار وجدارة، وشيمة الأوفياء.
وهذا أبو خالد يقف اليوم عند هامات النجوم، ممتطياً صهوة جواد الحلم البهي وفي قلبه تترعرع زهرات الحب الكبير، حب الإنسان للإنسان أينما كان.
هذه هي الإمارات الغاية والهدف والوسيلة والطريق تتتابع الخطوات فجراً متألقاً، وتمضي الحقول يانعة بأزهار الفرح يطوقها الحب بأهداب القناعة بأننا بالحب نبني وطناً في عرفه وعاداته أنه لا يعيش معزولاً عن العالم، بل هو في قلب العالم ينمي جذوره، ويروي قصة نجاحه، ويكتب على سبورة التاريخ أننا بالحب نقوى، وبرعاية الإنسان تسمق حضارتنا وبالاهتمام بالطفولة تبدوا دوماً في أتم العافية والتفوق، ومنذ فجر التأسيس والإمارات تسقي جذور المحبة، ومنذ يوم التأسيس المجيد والإمارات أخذت على عاتقها مسؤولية العناية بالطفولة كون الطفل هو المستقبل، وهو الأمل، وهو الكل في البعض، وهو لسان الضوء الذي يشع في عيوننا، وهو الكلمة الفصل في علاقتنا بالوجود، وهو الحلم الذي يتزحلق تحت جفوننا، مؤذناً بيوم تال أكثر بهجة، هو يوم الإمارات في زمانها وفنائها الواسع الرخي، وخيالها المحتفل دوماً برفاهية المعطى، وثراء المنجز، وغنى المكتسب.