تخرجُ امرأةٌ من صمتها وتقفز من نافذة الأمل بحثاً عن الحب المستحيل الذي سمعت عنه في الروايات. في أوّل الأمر تصدمها عربةٌ يقودها قرصانٌ متقاعد، ثم تقعُ في حفرةٍ هي في الأصل كمينٌ للغزلان الشاردة. وحين يخيّم الليل، تسمعُ من بعيد عواء ذئاب ضالة وترى في صفحة السماء بصيص ضوء لقمر خجول. ستظل هذه المرأة تتنهّدُ بعمق وهي تحتضن خوفها وأشواقها الحرة، ومن مكانٍ مجهول يبزغُ لها فجأة فارسٌ جريح عائد للتو من النزال. ومعاً قرب الهاوية، يؤسسان كوخهما من القش، والريحُ العاتية تراقبهما من بعيد.
يخرج الرجل الوحيد من بيته مبتسماً وهو يحمل الوردة الحمراء ويقف على الرصيف منتظراً. النساء يأتين ويذهبن من أمامه ولا يلتفتن لوجوده بسبب تحديقهن في شاشة الهاتف. تمر طفلة تبيع الورد ولا يشتري منها أحدٌ سوى الرجل الواقف على الرصيف. يمر العمرُ سريعاً، وفي نهاية المطاف، تأتي امرأة عمياء منجذبة إلى طعم الورد في الهواء، تخطف حبيبها المتخيّل هذا ويختفيان معاً في نفق الضوء البعيد.
يعثرُ حارس مكتبة قديمة على صندوق رسائل غرامية لشاعر مجهول. في كل ورقة كُتبت قصيدة رائعة موجهة لامرأة تختلف عن الورقة الأخرى. يقوم الحارس بنسخ الرسائل وبثها في بريد العشاق الحالمين بالحب والخائفين منه. ثم بعد شهرٍ واحد فقط، تنتشر عدوى العناق في المدينة وتختفي خواتم الزواج من محلات الذهب.
تعال كما أنت قالت له، أريدك أن تكون حقيقياً معي كي تراني وأراك. لكنه ظل دهراً ينزعُ عن وجهه الأقنعة واحداً تلو الآخر ولم يكتشف بعد من هو.
قال لها: الحياة تصير بلا معنى إن افترقنا. وإن بقينا معاً تناطحنا خوفاً بخوف. أخافُ أن يجرّني السأمُ إلى التململ وربما انزلقت خطوتي في الرحيل. وقال لها: أنتِ الطريق.
مؤيدون للتحرر من الأنانية وقفوا على باب الفيلسوف يوماً مطالبين بحرق دفاتره كلها لأنه كتب: عليك أن تحب نفسك أولاً. ولم يدرك هؤلاء أن حب الذات هو مفتاح حب الآخرين، وأن العشق بمعناه العميق، لا يصبحُ حقيقياً إلا إذا بنيته بحب نفسك ودفعها لتنال من بعد ذلك كل ما تريده وتحبه وتهواه. قصص الحب كلها ينبغي أن تتأسس على هذا المبدأ العظيم.