جمعتني لحظات الفخر بنخبة العاملين في هيئة أبوظبي للدعم الاجتماعي، واسم الهيئة وحده كفيل بتعزيز الولاء والانتماء والكرامة التي حرصت قيادة دولتنا الحكيمة على نشرها واستدامة معطياتها وقيمها في كل فردٍ منا. الجلسة الحوارية كانت بعنوان «مجتمع الإمارات.. تسامح وترابط» وجمال وبهاء، فقد حضرتها القيادة العليا للمؤسسة وأغلب العاملين فيها، وهذا دليل قاطع على حرص هؤلاء الشباب على معرفة تركيبة ومكونات المجتمع الإماراتي، قوة موروثه، واستدامة قيمه المتوارثة والتي تميز شعبه عن سواه. بصراحة، أدهشني بإعجابِ شديد إلمامهم بالمصطلحات المحلية وهي أساس الهوية الوطنية وأهم ركائزها. في نهاية الحديث زرعت في آذانهم ثلاث كلمات، لا رابعة لهن، «التعريب لا التغريب»، وهي دعوة لتعريب الكلام والحوار والحديث ولغة الاتصال والتواصل، بهدف تقريب عيالنا لثقافتهم وموروثهم وحضارتهم الممتدة.
في نهاية الأسبوع، اجتمعت بأسرتي لتناول الغداء وتجديد المودة وتبادل المستجدات، وبعد الغداء طاحت في أذني كلمة «نيمو» فقلت لإبراهيم الصغير بالعربي «نيمو» وربعه يسمونهم أسماك المهرج، التي تعيش في بعض أنواع شقائق النعمان البحرية. فسألني: «شو يعني مُهرج؟» فقلت له:«المُهَرِّجُ: من يُضحِكُ القومَ بحركاته وكلماته وهيئته» حك علباه، وقال: «شو هذا النعمان؟»، فقلت: «شقائق النعمان نبات عشبيّ أحمر الزّهر مبقع بنقط سود، سمِّي كذلك لأنّ النعمان من أسماء الدّم فهو أخوه في لونه. ومن بلاغة العرب أن أصبح في البحر ما يشبه ذلك، لذا فإن أسماك المهرج تعيش في شقائق تلسعها كل يوم حتى تكتسب مناعة تقيها الموت، بينما يقتل سم الشقائق أنواعاً أخرى من الأسماك. لذا تحاول بعض الأسماك التهام المهرج فتصبح لقمة سائغة لشقائق النعمان، العلاقة تكافلية تضمن البقاء للجميع. علينا جميعاً أن نتخذ من هذا النوع من العلاقات مثالاً في الحياة فلا نكترث للسموم والهموم، ونصب جل تركيزنا على كل ما هو إيجابي ونافع ويحقق للوطن مكتسبات جديدة تعمر وتسند وتعين وتعاون. لهجتنا واللغة الأم عميقة شاسعة التعابير، دقيقة التفاصيل، لها جذور ضاربة في فضاءات المعرفة وأعماق الحضارات.. علينا بالتعريب لا التغريب!
للعارفين أقول، دعونا نتأمل مقولة أمير المؤمنين عُمرَ بنَ الخَطَّابِ - رضِيَ اللهُ عَنْهُ «اعتزل ما يؤذيك، وعليك بالخَليلِ الصَّالحِ، ‏وقلَّما تجده، وشاور في أمرك الذين ‏يخافون الله».. والباقي عندكم!