بدأت رحلة الساعات القليلة من شارع النجوم المضيء، متقلداً ضوضاء موسيقية، ومحلات صغيرة عارمة ببهرجة عجيبة، وزحام أناس، وإطلالة بعيدة لحروف هوليوود بمعلمها الأثري، يتوق لها القادم من السياح، بدءاً من رحلة الحافلات الصغيرة المجهزة بكل ما يبهر السائح من معلومات، يتدرج مسار الرحلة، يسكن الزحام ويعلو الصمت، وتبدأ الدهشة، ترى بيوت مشاهير هوليوود في وجودها المشرق، ينسجها الخيال والرقي، وهي تشارف على مدينة يحلق حولها الزمن الطائر بجناحيه الزاهيين، تؤثر الفن والفنون والإبداع في الحياة، سمات تاريخية وأصالة تراث إنساني مبهج، متجدد بفنون سينمائية، تزف الرحلة البهاء نحو أفواج السياح، ليروا بشوق عالمها السحري، أنظار يهيمن عليها التأمل والتقاط الصور، بتنوع وبراعة آسرة.
ثرثرة بدهية تكمن في روح سائق الحافلة، المعتد بمهنته، طموحه أن يصبح نجماً يملك بيتاً من بيوت المشاهير، قائلاً «لا تنسوا»، وأشار إلى نفسه، تشدك كلماته وضجيج الحافلة، بانتباه يتقمص المعرفة، وبفكاهة مرشد سياحي في آن واحد، يصف المعالم بدقة متناهية بمداعبة السياح، يقفز على خيالاتهم وتفكيرهم، يجر من أعماقهم ضحكات، يدغدغ عواطفهم الجياشة، يسحرهم بقصص لا تنسى مرت في التاريخ السينمائي، وحان أن يرويها، مثل قصة مارلين مونرو، أمام منزلها الآسر منذ سنوات طويلة، يسرد السائق بدايتها الفنية فيه ونهايتها.
حديث ذو صبغة سياحية، يصحبه بعرض جزئي من أفلام ذات صلة بمكان التوقف، يحاور السياح ويختبر ذاكرة ثقافتهم بطرح الأسئلة تلو الأسئلة، يتفاعلون بما يطرح، يشير بقوله معلناً: «في هذه الرحلة لدينا سياح من الإمارات، ومن كولمبيا إضافة إلى أمريكان وفدوا ليروا معالم هوليوود»، وهي تحلق بعالم من أيقونات المشاهير، تاريخ من أمد بعيد يؤجج المكان بسيارات قديمة وحديثة فارهة، وبيوت قيمة يتجدد عالمها ويسطر ما يتمثل من عالم السينما وما يمرر مشاهد من فيض التراث السينمائي العالمي.
عالم من الدهشة ودلالات من حصاد السنوات، حشد من الناس وزحام وجمهرة، وقد ترى فيلماً يصور في التو واللحظة، مشاهد حية من صناعة السينما، تبث إلى العالم المتشوق والمترقب، تبتكر هوليوود دائماً إشراقة من الشغف في كرنفال متأصل ومتجدد.
رحلة قيمة من رحلات الحياة لا تقف عند مكان بعينه حتى تجرك عوالم من المدن، ولكل مدينة نسقها المتفرد المتمثل في السياحة الثقافية لماضيها العريق، عدنا إلى بداية الرحلة، إلى شارع النجوم وفي ذاكرتنا إطلالات أفقية من الإضافات الثقافية.