ذات مرة وخلال إحدى المحاضرات الرمضانية في المجلس العامر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، روى للحضور قصة زيارة خاصة قام بها لإحدى المناطق في تنزانيا تسكنها قبائل من الرعاة الرحل وهم من قبائل الماساي الشهيرة المنتشرة والممتد تواجدها حتى كينيا المجاورة، فلما عاد سأله المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عن مشاهداته، فحدثه عن معاناتهم جراء شظف العيش وندرة المياه وانعدام الخدمات الأساسية وغياب مقومات البنية التحتية. فقال له حكيم العرب ورجل الإنسانية، وماذا فعلت لأجلهم؟، ليأمره- طيب الله ثراه- بأن يعود أدراجة ويساعدهم في حفر الآبار وتمهيد الطرق وإنشاء عيادة في تلك المنطقة النائية، فهم - كما قال-«أليس الذي خلقنا هو خالقهم؟». واقعة وعبارة لخصت رؤية مؤسس الإمارات وفلسفته في العمل الإنساني، والتي أصبحت ركيزة نهج الإمارات في ميدان العمل الخيري والإنساني، وقد أصبحت عاصمة وقلب الإنسانية سنداً وعوناً للشقيق والصديق ولكل المجتمعات في مختلف بقاع الأرض من دون تمييز للون أو عرق أو معتقد، كما أراد لها أن تكون «زايد الخير».
وفي كل سانحة تتعلق بالعمل الإنساني تنير بلاد «زايد الخير» العالم بالقول والفعل مشددة على تضافر الجهود وحشد الطاقات لمساعدة المجتمعات الهشة، وعدم الاكتفاء بالبرامج الإغاثية الطارئة بل والعمل على استدامتها لصنع مستقبل أفضل للأجيال.
وخلال جائحة كورونا التي ضربت العالم قدمت الإمارات أنموذجاً منيراً للعمل الإنساني يعتمد الاستباقية والاحترازات للحد من تداعيات أي تحديات تواجه الإنسان أينما كان. وخلال تلك الفترة العصيبة وبينما كانت بعض الدول - بما فيها الكبرى- تنكفئ على نفسها كانت طائرات الإمارات تخلي العالقين وتنقل المعدات الطبية للكثير من دول العالم لمساعدة فرقها الطبية على مواجهة الجائحة غير المسبوقة من أجل الحفاظ على صحة وسلامة المجتمعات.
واستضافت آلاف العالقين من رعايا البلدان الصديقة والشقيقة في مدينة الإمارات الإنسانية للإطمئنان على صحتهم وتقديم الرعاية العلاجية وإجراء الفحوص الطبية اللازمة لهم قبل مغادرتهم لبلدانهم، وساهمت في نقل وتوزيع أكثر من 260 مليون جرعة حول العالم عبر «ائتلاف الأمل» الذي انطلق من العاصمة أبوظبي. محطات من العطاء والريادة انطلقت من تلك الرؤية السامية للمؤسس تستمد منها قيادتنا الرشيدة العزيمة والإلهام لتواصل ذات النهج لتظل الإمارات عاصمة وقلب الإنسانية. ورحم الله شهدائنا في العمل الإنساني.