الحسناء الكورية
أعادتني تلك الموسيقى الصباحية الحالمة المنبعثة من مكان ما في بهو الفندق إلى منطقة ما من الذاكرة فخرجت من الفندق لا إراديا، أهيم على وجهي في شوارع المدينة الكورية الجنوبية بحثا عن منظر طبيعي ينسجم مع الموسيقى التي لازلت اسمعها في رأسي.
بعيدا عن المباني الشاهقة ثمة جدول مائي تبعته حتى وجدته يصب في بحيرة صغيرة أقيم في وسطها كوخ للاسترخاء لآخر إمبراطور حكم البلاد قبل أن يغزو الجيش الياباني الشرس البلاد، ويقتل الإمبراطور ويقضي على العائلة الامبراطورية بأسرها ما عدا أصغر الأبناء تم الإبقاء عليه من أجل أن يكون آخر وريث للدم الامبراطوري من أجل ضمان انتهاء تلك السلالة الامبراطورية هي وتاريخها، فيتم تربية ذلك الطفل بعيدا عن وطنه، وعندما يكبر يتم إرغامه على الزواج من فتاة يابانية من العامة حتى يتماهى الدم الإمبراطوري مع دماء العامة ويفقد نقاءه فلا تقوم قائمة لتلك السلالة إلى الأبد ويندحر تاريخها وتاريخ شعبها. غير أن الشعوب لا تموت، ولابد أن تجد في تاريخها ما يجعلهـا تحتفظ به مهما تكـالبت عليها الأمـم ومهما خطط لها الأعداء.
نظرت حولي فوجدتني في القصر الامبراطوري بعد أن تحول إلى مكان يستعيد التاريخ ليجذب السياح، كل شيء على ما كان عليه، بعد أن تم ترميمه ليبدو كما كان، حتى الحراس ها هم يرتدون الملابس التي تعود إلى تلك الحقبة، ويؤدون دورهم المعتاد وطقوسهم الامبراطورية بشكل يومي، كأنهم لا يزالون يعيشون في التاريخ، القصر يتفرع لعدة مبان، لكل مبنى هدف معين.
تركت القصر وحراسه وعدت أتأمل البحيرة الهادئة، صفحة الماء نقية تعكس صورة السماء الصافية والشجرة الوحيدة التي تقف شامخة في وسطها بجوار الكوخ، وثمة حسناء ربما تكون نجمة سينمائية أو عارضة أزياء يلتف حولها المصورون يلتقطون لها صورا على خلفية المكان ربما كنوع من الترويج للمكان أو لعله لملابسها الشتوية الأنيقة.
تصورت انهم قد يرغبون في التقاط الصور بمعيتي بحكم أنني رحال يصدق وهما بأنه كاتب مشهور، اقتربت منهم، نظرت الفتاة نحوي، ابتسمت، اقتربت منها وقبل أن أتحدث، تموضعت بجواري من أجل التقاط الصور، ثم قامت بحركات سينمائية من أجل مزيد من الصور، ثم منحتني عناقا طويلا وقالت إنه عناق مجاني من أجل رسم ابتسامة صباحية على وجهي.
أفقت والدهشة تعتلي وجهي وابتسامة باهتة تكاد تتلاشى، تركت المكان وشعور مبهم يخالجني، فسرته بأنه شعور بالسعادة.
rahaluae@gmail.com